غذاء ومناخ
تحارب كندا ما يسمى بـ”التضخم المناخي” للغذاء من خلال خصم ضريبة الكربون، الذي يُعد جزءًا من برنامج يفرض رسوم على التلوث الكربوني، وإعادة حصيلة الضريبة إلى العائلات، وفق عدة تقارير اطلعت عليها منصة “غذاء ومناخ”.
وفي منتصف يوليو/تموز الجاري، تلقى الكنديون في معظم المقاطعات دفعة جديدة من خصم ضريبة الكربون ربع سنوي، وفق تقرير لموقع “إدمونتون جورنال“.
ولاتزال ضريبة الكربون، التي فرضتها الحكومة الفيدرالية الكندية، قبل سنوات، تثير بعض السياسيين، كونها تؤثر في الوقود الذي يستعمله المزارعون، إضافة إلى تكلفة الشحن والتسليم، ما ينعكس في النهاية على المستهلك.
ورغم أنه من الواضح أن لضريبة الكربون تأثير في أسعار المواد الغذائية ومعدلات تضخم السلع الغذائية، إلا أن هذا التأثير -غالبًا- ليس كبيرًا، وفق ما ذكره تقرير لموقع “سي بي سي“.
وقدر بنك كندا المركزي أن ضريبة الكربون سترفع التضخم بنسبة 0.15%، بينما يرى الخبير الاقتصادي في جامعة كالغاري، الذي درس تأثير سعر تلك الضريبة في أسعار المواد الغذائية، تريفور تومبي، أنه سيكون أقل من 1%.
إلا أن أي زيادة في أسعار السلع غير مقبولة، خاصة بالنسبة لذوي الدخل المنخفض.
غير أن المخاوف بشأن تأثير ضريبة الكربون تميل -أيضًا- إلى تجاهل حقيقة أن السياسة تتكون من جزأين، تتمثل في رسوم الوقود التي تجمعها الحكومة الفيدرالية وخصم يُعيد 90% من الإيرادات الناتجة عن الضريبة إلى الأسر الكندية، وتؤول النسبة المتبقية وهي 10% للشركات والمزارعين ومجتمعات السكان الأصليين.
وعلى عكس أي من السياسات الفيدرالية والإقليمية الأخرى، التي يمكن القول أنها تسهم في تكلفة الغذاء، مثل ضرائب الشركات ولوائح سلامة الأغذية، تأتي ضريبة الكربون الفيدرالية مع خصم.
ووجد مسؤول الميزانية البرلمانية، أن كل العائلات -تقريبًا- تتلقى من الخصم أكثر مما تدفعه في التكاليف المباشرة وغير المباشرة لضريبة الكربون. ومن المتوقع أن تدفع الأسر التي تنتمي إلى الشريحة الأعلى دخلًا فقط، أكثر مما تتلقاه من الخصم، لأنها تستهلك أكثر.
ويرى البعض أن إلغاء ضريبة الكربون قد يؤدي في الواقع إلى جعل العديد من الكنديين في وضع أسوأ.
وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة، إلى أن عدداً كبيراً من الكنديين يحبون فكرة خفض أو إلغاء ضريبة الكربون. وربما ينطبق الأمر نفسه على استطلاع للرأي حول أي نوع من الضرائب.
غير أن أي مناقشة لأسعار المواد الغذائية، يجب أن تشمل تأثير تغير المناخ – وهي المشكلة ذاتها التي تهدف ضريبة الكربون إلى المساعدة في مكافحتها.
وربط تحليل أجرته هيئة الإحصاء الكندية، نُشر في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بين “الطقس غير المنتظم” – بما في ذلك الجفاف وموجات الحر والفيضانات والأمطار الغزيرة – مع الزيادات في أسعار اللحوم والفواكه والخضروات والسكر والقهوة.
وفي يونيو/حزيران، أفاد اقتصاديون في (آر بي سي) أنه على الرغم من أنه من المتوقع أن يتباطأ تضخم أسعار المواد الغذائية، إلا أن العودة إلى أسعار ما قبل الوباء غير مرجحة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن “الظواهر الجوية المتطرفة أصبحت أكثر تكرارًا في مناطق مختلفة، ويمكن أن تحد بشكل كبير من الإنتاج الزراعي.
وأثناء الوباء، أدت مشكلات سلسلة التوريد وعوامل أخرى إلى زيادة التكاليف على تجار التجزئة، الذين قاموا بعد ذلك بنقل هذه التكاليف إلى عملائهم، وبعد انتهاء، و بدلاً من خفض الأسعار، قررت الشركات ترك الأسعار كما هي حتى تتمكن من تحقيق الأرباح غير المتوقعة، أو ما يمكن تسميته بـ “تضخم الجشع”
ورغم أنه يمكن علاج “تضخم الجشع” بحملة حكومية صارمة على الشركات التي تتواطئ في التلاعب بالأسعار، إلا أن مشكلة تغير المناج وتأثيرها على الأسعار لا يمكن التعامل معها بسهولة.
ووفق تقرير منشور في موقع “ريستوربيز كندا“، فإن فكرة أن تكاليف الغذاء ستواصل الارتفاع مع زيادة درجة حرارة الكوكب، والتي يطلق عليها اسم “التضخم المناخي”، تعني أنه على الأرجح ستتأثر المناطق الأكثر سخونة أكثر من غيرها.
وأوضح التقرير، أنه في عام 2022، أدت موجة الحر في أوروبا إلى قطع الإمدادات الغذائية، وزيادة تكاليف الغذاء والتضخم الإجمالي، ومن الواضح أنه لا مكان على وجه الأرض سيفلت من ظواهر تغير المناخ وتطورها.
على جانب آخر، حاولت بعض الكيانات الاقتصادية في كندا اتباع سياسة استباقية تتجنب بها خطر رفع ضريبة الكربون لنفقاتها.
على سبيل المثال، أثار أحد المطاعم في تورنتو جدلًا، عندما طبق زيادة بنسبة 2% تحت بند “رسوم الكربون”، والتي جرى تصميمها كاستثمار بيئي لتعويض البصمة الكربونية المرتبطة بتناول الطعام في المطعم.
غير أن المستهلكين انتقدوا الخطوة، ما اضطر المطعم إلى عرض إلغاء الاشتراك في هذه الرسوم، ما يعني أن أصحاب المطاعم الذين يتطلعون إلى إضافة رسوم لمحاولة استرداد التكاليف يتعرضون لخطر رد فعل عنيف من جانب المستهلكين مع استمرار أسعار الفائدة والتضخم المرتفين وتأثيرهما في معيشة المواطنين.
وتشير الدراسات إلى أن 80.3% من الكنديين يتوقعون المزيد من الارتفاعات في تكاليف الغذاء، وأن 38.3% يخططون لتقليل تناول الطعام بالخارج.