غذاء ومناخ
وقعت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، والاتحاد الأوروبي، برنامجًا مدته 4 سنوات بقيمة 47 وفقامليون يورو (50.8 مليون دولار أميركي)، لتعزيز قدرة رعاة 8 دول في شرق أفريقيا، في مواجهة أثار تغير المناخ على أنشطتهم وأمنهم الغذائي.
صُممت المبادرة تحت اسم “برنامج تكيف الرعي والثروة الحيوانية مع تغير المناخ في شرق أفريقيا (PLACE)”، بهدف معالجة تحديات تطوير أنظمة رعوية مستدامة وقادرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، وبسرعة، على عدة أصعدة بيئية واقتصادية واجتماعية للرعي، وفق بيان صحفي، تلقت منصة “غذاء ومناخ” نسخة منه.
وقال مدير مكتب الطوارئ والقدرة على الصمود في منظمة الأغذية والزراعة، راين بولسن: “نرحب بهذا البرنامج الذي جاء في الوقت المناسب، حيث تواجه المراعي في المنطقة تنامي عدد وشدة الحوادث والصدمات المرتبطة بالمناخ والتدهور التدريجي لقاعدة الموارد الطبيعية، ما يهدد بشكل أكبر أسلوب الحياة الرعوي”.
وتُعد الثروة الحيوانية شريان حياة لأكثر من 250 مليون شخص في شرق أفريقيا، “وهي راسخة بعمق في النسيج الاجتماعي والثقافي والروحي للمجتمعات. يتولى الرعاة تربية الماشية ليس فقط كمؤسسة تجارية ولكن أيضًا كاستثمار اجتماعي”، وفق البيان.
ومع ذلك، فإن نشاط الرعي في مرحلة حرجة. وتعني التحولات المجتمعية في المنطقة أن عددًا أقل من الشباب مهتمون بما يُعد تقليديًا أسلوب حياة رعوي. كما أدت موجات الجفاف الشديدة والمتكررة إلى تدمير المراعي، ما أدى إلى خسارة أكثر من 13 مليون رأس ماشية في 3 سنوات؛ بين نهاية 2020 وبداية 2024.
ويُنفذ البرنامج الممول من (الفاو) والاتحاد الأوروبي، في 4 مناطق حدودية، هي: بحر العرب، وكاراموجا، ومانديرا، ومارا سيرينجيتي، وهي تمتد عبر إثيوبيا وأوغندا والصومال وجنوب السودان والسودان وتنزانيا وكينيا.
ويُعد نشاط الرعي أمرًا بالغ الأهمية في هذه البلدان. على سبيل المثال، تسهم مجتمعات الرعاة في كينيا بشكل كبير في الاقتصاد. وتقدر قيمة القطاع الرعوي بنحو 1.13 مليار دولار، وهو يوفر أكثر من 80% من اللحوم المستهلكة في البلاد، وفق موقع “ذا كونفيرساشن“.
وبصورة عامة، تغطي المراعي 54% من سطح الأرض. ومع تنوع النظم البيئية مثل الصحاري والمراعي والأراضي الشجرية شبه القاحلة والسافانا، فإن ثلث النقاط الساخنة للتنوع البيولوجي العالمي تقع داخل المراعي.
وتُعد أكثر من 40% من القارة الأفريقية مراعي، بما في ذلك بعض المناطق الطبيعية الأكثر شهرة، مثل سيرينجيتي أو هايفيلد في جنوب أفريقيا، وفقًا لـ “مونغاباي“.
ووفق تقرير أصدرته اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في مايو/أيار الماضي، فإن ما يصل إلى ثلث المراعي العالمية معرضة لخطر هذا التدهور، والذي يمكن أن يشمل التصحر وخصوبة التربة وفقدان التنوع البيولوجي، أو التحويل إلى مزارع، بما في ذلك المزارع التي تولد أرصدة الكربون من أنواع الأشجار غير الأصلية.
وقال التقرير إن عواقب تدهور المراعي يمكن أن تكون بعيدة المدى، فالحيوانات البرية التي كانت تجوب المناطق الطبيعية الشاسعة في الماضي أصبحت مضغوطة، والمياه أصبحت أكثر ندرة، والعواصف الرملية المدمرة أصبحت أكثر شيوعًا.
وأشار إلى أن فقدان المراعي يسهم في تغير المناخ، إذ أن ما يقارب من ثلث الكربون العالمي موجود داخل أعشابها وتربتها ونباتاتها. وعلى الرغم من كل ذلك، نادرًا ما تحتل هذه المراعي مركز الصدارة في المؤتمرات الدولية لمعالجة تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي، وفق التقرير.
وقال التقرير: “هناك سبب آخر يجعل المراعي على كوكب الأرض مهمة: فهي مصدر جزء كبير من إمداداتنا الغذائية. حيث يُنتج 16% من الغذاء العالمي في المراعي، وتولد هذه المراعي ما يصل إلى 70% من الأعلاف للحيوانات العشبية المستأنسة مثل الأبقار والماعز والإبل. وتعتمد سبل عيش حوالي 2 مليار شخص على هذه المناطق الرعوية، بما في ذلك 200 مليون أسرة رعوية، والتي تنتج نحو عُشر لحوم العالم”.
ووفق اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، فإن هؤلاء الرعاة هم المفتاح لحماية المراعي المهددة على كوكب الأرض.
وقال المؤلف الرئيس للتقرير، بيدرو هيريرا: “إذا لم نتمكن من فهم كيفية تفكير الرعاة وإدارة الأرض، وكيف هم متنقلون ومرنون، وكيف يفسرون المناطق الطبيعية في ظل ظروف مختلفة، فسوف ننتهي إلى تدهور نظام المراعي على وجه الأرض بالكامل”.
ومن المتوقع أن يستفيد من تنفيذ برنامج شرق أفريقيا، الممول من (الفاو) والاتحاد الأوروبي، أكثر من 100 ألف أسرة بصورة مباشرة.
وستركز الجهود على عدة مجالات رئيسة، بما في ذلك تعزيز أنظمة حيازة الأراضي، وخفض انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي، والحفاظ على التنوع البيولوجي والموارد الطبيعية، وبناء اقتصادات محلية قوية داخل قطاع الثروة الحيوانية، وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام، والحد من الصراعات القائمة على الموارد وخلق فرص العمل، وفق البيان.