غذاء ومناخ
تستمر معارك منتجي الغذاء في أميركا، فمن المزارعة يولاليا، التي تضطر لحصاد الخيار في حرارة مرتفعة تصل إلى 41-46 درجة مئوية في صوبة زجاجية بولاية كاليفورنيا، إلى العاملة في مطعم الوجبات السريعة روموالدا، التي نجحت -أخيرًا- في شراء المزيد من الطعام، وسداد إيجار شقتها في الموعد المحدد، بعدما كان الأمر صعب المنال، بعد زيادة أجرها قبل 4 أشهر، ومع ترقب المزيد، تشتعل ثورة عمال أميركية.
وكانت وزارة العمل الأميركية، قد اقترحت في يوليو/تموز الماضي، تشريع جديد، يعمل على حماية العمال عند ارتفاع الحرارة إلى مستويات تضر العمال، إلا أن هذا التشريع لم يُعتمد رسميًا، رغم موجات الحرارة غير المسبوقة التي تجتاح الكرة الأرضية. ويحمي التشريع المقترح -حال إقراره- نحو 36 مليون عامل، وفق تقرير اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“.
وقالت رئيسة اتحاد عمال المزارع تيريزا روميرو: “من العار أن العديد من القائمين على صناعة الغذاء في أنحاء العالم، لا يبدون أي اهتمام بتوفير مستويات أساسية للعمال عندما يتعلق الأمر بالحرارة المرتفعة.. إن كل تشريع جديد للحماية من الحرارة سواء على مستوى الولاية أو الحكومة الفيدرالية، كُتب بدماء عمال المزارع”، وفق موقع “فوودتانك”.
ومن الأسباب التي تدفع المسؤولين عن عمال المزارع إلى تقديم مطالب تحميهم من الحرارة، الضغوط التي يتعرض لها هؤلاء العمال، حيث يضطر العديد منهم إلى العمل في ظروف صعبة بسبب الاحتياج إلى العمل، أو خوفًا من الانتقام والتمييز والمضايقة، وحتى الترحيل.
وعلى سبيل المثال، قالت يولاليا ميندوزا، التي اضطرت إلى قطف الخيار في درجات حرارة تصل إلى 105-115 درجة فهرنهايت (41-46 درجة مئوية) في صوبة زراعية في كاليفورنيا: “في كثير من الأحيان، لا نغادر لنبرد، (حتى) لمدة قصيرة. ليس لأننا لا نريد ذلك (أخذ قسط من الراحة والبرودة)، ولكن لأننا خائفون من طردنا. ليس لدينا فرصة الاختيار. هذا هو الواقع”.
أعلى حرارة
يُذكر أن 22 يوليو/تموز 2024، سجل أعلى متوسط درجات حرارة عالمية على الإطلاق منذ بدأت وكالة ناسا في الاحتفاظ بالسجلات في القرن التاسع عشر.
وكل شهر واحد لأكثر من عام على التوالي، يشهد العالم درجات حرارة تصل إلى مستويات قياسية مرتفعة لذلك الشهر. وكانت السنوات العشر الماضية هي العقد الأكثر سخونة في تاريخ المناخ الحديث.
ومن المؤسف أن العمل في نظام الغذاء يزيد من خطر الإصابة بالأمراض والوفاة المرتبطة بالحرارة. فبالنسبة للعاملين في الزراعة، فإن خطر الوفاة المرتبطة بالحرارة أعلى بنحو 35 مرة من خطرها في الصناعات الأخرى، وفقًا لتحليل في المجلة الأمريكية للطب الصناعي. كما يمكن أن يؤدي التعرض للحرارة إلى مضاعفات أخرى؛ تتراوح من تقلصات العضلات إلى ضربة الشمس وتفاقم الأمراض المزمنة مثل مرض السكري وتحديات الصحة العقلية.
وحتى الآن لا وجود لدى العديد من البلدان – بما في ذلك الولايات المتحدة – سياسات على المستوى الوطني لضمان حماية أصحاب العمل للعمال من تفاقم الحرارة.
في حين سنت العديد من البلدان والمناطق حول العالم تدابير لحماية العمال من الحرارة. ففي العام الماضي، أصدرت المفوضية الأوروبية إرشادات جديدة تلزم أصحاب العمل بالتشاور مباشرة مع العمال والممثلين بشأن إدارة الحرارة وتوفير الوصول إلى مياه الشرب والمناطق المظللة وأوقات الراحة. وتفرض الصين معايير تلزم السماح للموظفين بالعمل لساعات وبكثافة أقل خلال الأيام الحارة، وفي جنوب إفريقيا، يُطلب من أصحاب العمل اتخاذ مجموعة متنوعة من الخطوات الوقائية.
زيادة الأجور
من ناحية أخرى، يطالب عمال الوجبات السريعة في كاليفورنيا -أيضًا- بزيادة أخرى في الحد الأدنى للأجور، بعد أشهر فقط من رفع أجورهم من 16 دولارًا إلى 20 دولارًا في الساعة. وقدم اتحاد عمال مطاعم الوجبات السريعة في كاليفورنيا، وهو جزء من الاتحاد الدولي لموظفي الخدمة (SEIU)، مطالبه في الاجتماع الافتتاحي لمجلس الوجبات السريعة في الولاية، وفقًا لـ “أوتلوك”.
ويطلب الاتحاد زيادة الأجور إلى 20.70 دولارًا في الساعة أول يناير/كانون الثاني 2025، لمعالجة ارتفاع تكاليف المعيشة. وفي بيان، أكد اتحاد عمال الخدمة على الحاجة إلى زيادة الاستقرار الوظيفي، والدفع العادل للأجور المتأخرة المستحقة، والجداول الزمنية المستقرة، والتحقيق الشامل في “الانتهاكات الشاملة” المزعومة في صناعة الوجبات السريعة.
وتشمل هذه الانتهاكات سرقة الأجور، والتحرش، والتمييز، وظروف العمل الخطرة. وأنشأ الحاكم جافين نيوسوم مجلس الوجبات السريعة المكون من 11 عضوًا في سبتمبر/أيلول 2023 لتحديد الأجور واللوائح الخاصة بالصناعة. وقبل 4 أشهر، دخلت الزيادة الجديدة في الحد الأدنى للأجور البالغة 20 دولارًا في الولاية حيز التنفيذ. ومنذ ذلك الحين، خفضت مطاعم الوجبات السريعة في كاليفورنيا ما يقرب من 10000 وظيفة، حيث تكافح الامتيازات مع ارتفاع تكاليف العمالة وزيادة الأسعار.
ورفعت سلاسل كبرى مثل ماكدونالدز وبرغر كنغ وإن-إن-أوت برغر الأسعار لتعويض زيادة الأجور، ما أدى إلى تقليل ساعات عمل الموظفين والدفع نحو الرقمنة. وأغلقت شركة روبيو كاليفورنيا غريل 48 من أصل 134 موقعًا لها، مشيرة إلى “ارتفاع تكلفة ممارسة الأعمال التجارية” وتقديم طلب إفلاس في يونيو/حزيران.
وعلى الرغم من هذه التحديات، يسلط اتحاد عمال الخدمات الدولي الضوء على البيانات التي تُظهر أن الصناعة أضافت آلاف الوظائف بعد سريان زيادة الأجور في الأول من أبريل/نيسان الماضي.
ويدعم الموظفون غير المتأثرين بالتسريح طلب زيادة الأجور الجديد. وقالت روموالدا ألكازار كروز، موظفة في وينديز في أوكلاند: “لقد كان الأمر جيدًا حقًا لأنني أستطيع وضع المزيد من الطعام على المائدة وفي ثلاجتي، ودفع إيجاري في الوقت المحدد وهو ما كان دائمًا تحديًا لا أستطيع مواجهته”.