غذاء ومناخ
يشتد الصراع بين سوقي اللحوم النباتية والحيوانية، وتعتمد كل منهما على سلاح تغير المناخ، وإمكانات الحد من الكوارث الطبيعية المؤثرة على إنتاج غذاء الإنسان المهدد الآن، لكن هل هذا التنافس حسن النية ويستهدف تعزيز وفرة الغذاء، أم أنها حرب تستهدف تحقيق المكاسب؟
يبلغ حجم سوق اللحوم النباتية حاليًا 8 مليارات دولار، في حين تصل اللحوم الحيوانية إلى 1.4 تريليون دولار.
ويعتقد الرئيس التنفيذي لشركة “إمبوسيبل فوود” Impossible Foods بيتر ماكغينيس، أن اللاعبين في سوق اللحوم النباتية بحاجة إلى تغيير استراتيجيتهم التسويقية جذريًا، لتعزيز قدرتهم التنافسية مع منتجي اللحوم الحيوانية أو التقليدية، وفق تقرير طالعته منصة “غذاء ومناخ“.
وقال: “الطعام النباتي أمر بالغ الأهمية لعلاج أزمة المناخ. إنه كذلك بالتأكيد، ولكن ما مدى أهمية ذلك لعملك، ولعملائك، ولمستثمريك. أم أنه أشبه بقضية داخلية لفريقك، وبالنسبة لك شخصيًا؟ المهمة النهائية هي عكس تغير المناخ”، وفق موقع “فاست كومباني“.
ودعا إلى تقديم الحكومة المساعدة على صعيدي التوافر والتوعية، إضافة إلى تقديم الحوافز لصناعة اللحوم النباتية، لكن بدون تدخل العوامل السياسية، وفق قوله.
وقال: “سيكون من الرائع لو نظرت الحكومة إلى هذا الأمر بطريقة بديهية للغاية. الطعام هو أهم شيء. إنه أكبر صناعة في العالم. إنه الشيء الوحيد الذي يتعين علينا القيام به. يمكنك العيش بدون سيارة. لا يمكنك العيش بدون تناول الطعام. لكننا لم نضغط بقوة كافية. لذا، فنحن أيضًا مسؤولون عن ذلك”.
وأضاف أنه كلما زاد استهلاك اللحوم النباتية، قل استعمال المياه، ومساحات الأراضي الجيدة، إضافة إلى أن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ستتراجع، مشيرًا إلى صعوبة مهمة شركات القطاع، إذ قال: “نحن نحاول تغيير عادات تناول الطعام التي تطورت على مدى مئات وآلاف السنين. لا يحدث هذا بين عشية وضحاها”.
البرغر النباتي
عير أن مركز أبحاث “إي آي تي فوود كونسيومر أوبزيرفري”، أجرى مسحًا حديثًا، استطلع فيه آراء ما يقارب من 10 ألاف شخص في 17 دولة أوروبية، وجد أن 54% يترددون في شراء منتجات مثل البرغر النباتي والنقانق واللحم المفروم وسط مخاوف من تصنيفها على أنها منتجات خضعت لعمليات معالجة واسعة أو ما يطلق عليها “ألترا-بروسيسيد فوود” UPFs)).
وعلى الرغم من أن نسبة 55% تعترف بتناول تلك الأطعمة بانتظام، فإن 65% يربطونها بنتائج صحية سيئة، ويقول 60% إنها سيئة للبيئة.
وتزيد مثل هذه الاستطلاعات والأبحاث معاناة شركات منتجات اللحوم النباتية في اختراق الأسواق والحصول على جزء أكبر من كعكة سوق الغذاء، حسبما ذكر موقع “فوود نافيغاتور“.
ولا وجود لتعريف محدد لتلك المنتجات، لكن مركز “نوفا” التابع لجامعة سان باولو البرازيلية، يرى أنها أطعمة تستعمل العديد من المكونات المُعدلة، مثل الإضافات والدهون المهدرجة والنشويات المعدلة التي نادرًا ما تدخل في الطهي المنزلي.
وقد ربطت الأبحاث هذه الأطعمة بمجموعة من النتائج الصحية السلبية، بما في ذلك السمنة ومرض السكري من النوع الثاني وأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان.
وقالت خبيرة التغذية إيما سكوت: “إنه على الرغم من الحاجة إلى مزيد من الدراسة لتحديد ما إذا كانت هذه الأطعمة ضارة بصحتك، فإن العديد من هذه المنتجات الخالية من اللحوم مثل النقانق والناجتس والبرغر مليئة بإضافات غذائية ومواد حافظة تصنفها على أنها من الأطعمة المعالجة بنسبة كبيرة”.
اللحوم النباتية والأمراض
وفق بحث نُشر في يونيو/حزيران الماضي، من قبل جامعة ساو باولو وإمبريال كوليدج لندن، فإنه في حين ترتبط الأنظمة الغذائية النباتية بشكل عام بانخفاض مخاطر الإصابة بالأمراض، فإن تناول هذه الأطعمة النباتية التي تحتوي على UPFs يمكن أن يقوض هذا، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 7%.
لذلك بدأت بعض الشركات في التعامل مع هذه المخاوف، ومنها شركة “بيوند مييت” الأميركية Beyond Meat ، الموردة التي قلصت عملياتها وسط انخفاض المبيعات المستمر، حيث بدأت في توسيع خط إنتاج الجيل الرابع أو (IV)
وتستعمل الشركة في تلك المنتجات زيت الأفوكادو بدلاً من زيت الكانولا وجوز الهند، لتقليل محتوى الدهون المشبعة بنسبة 66%، وأيضا على كمية أقل من الصوديوم بنسبة 20%، وتحتوي على مكونات أكثر كثافة من العناصر الغذائية مثل العدس الأحمر وحبوب الفول.
وقالت الشركة إنها لم تعد تحاول التقليل من طعم وملمس اللحوم الحقيقية مع المنتجات الجديدة التي أعادت تطويرها.
وعلى الرغم من ذلك، أصبحت الشركة، التي كانت ذات يوم في مقدمة منتجي الأطعمة النباتية، وأول شركة من مجموعتها تطرح أسهمها للاكتتاب العام في البورصة عام 2019، قصة تطلق صفارات إنذار بشأن صعوبة طريق شركات قطاع هذه الصناعة.
وأعلنت بيوند مييت عن نتائج مختلطة للربع الثاني من عام 2024. وانخفضت الإيرادات بنسبة 8.8%، وتراجعت المبيعات بنسبة 14%، مقارنة بالمدة نفسها من العام الماضي 2023، إلا أن هامش الربح كان مرتفعًا، وفق ما ذكره موقع “ويرد“.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة إيثان براون للمستثمرين في مكالمة أرباح يوم منتصف الأسبوع الماضي: “نحن نشعر بالتشجيع من العديد من النتائج التي نراها هذا الربع، وهي نتائج تُظهر تقدمًا واضحًا في خطتنا لعام 2024 وهدفنا الأطول أجلاً المتمثل في العمليات المربحة”.