زراعة الذرة في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى مهددةمزارعة تعمل في حقل ذرة في كينيا - الصورة من ذا نيبيو

غذاء ومناخ

تناولت دراسة حديثة المحاصيل “المنسية” التي قد تساعد في جعل أنظمة الغذاء في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أكثر مرونة وأعلى في القيمة الغذائية، في ظل توقعات بأن يخلق تغير المناخ صعوبة في زراعة الذرة، التي تعد واحدة من المحاصيل الرئيسة التي تعتمد عليها المنطقة حاليًا.

وحصلت دراسة أُجريت عام 2023، مؤخرًا، على جائز”كوزرلي”، من الأكاديمية الوطنية للعلوم ، لعملها في تحديد المحاصيل الغذائية “المنسية” في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، والتي قد تكون أكثر مرونة في مواجهة تغير المناخ من المحاصيل الأساسية الحالية في المنطقة، مثل الذرة والأرز والكسافا والبطاطا، وفقًا لتقرير اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ”.

ووجدت الدراسة أن دول غرب أفريقيا ووسط أفريقيا ستشهد أكبر انخفاض في قدرة  المحاصيل الأساسية الحالية على التكيف مع ظواهر تغير المناخ بحلول عام 2070، وكانت زراعة الذرة هي الأكثر عرضة للخطر من بين المحاصيل الأساسية.

محاصيل تجاهلتها المجتمعات المحلية

بالإضافة إلى تحديد 52 محصولًا غذائيًا من المرجح أن تكون أكثر ملاءمة لمناخ المنطقة في المستقبل – والتي لها قيمة غذائية أكبر من المحاصيل الأساسية – نجح الباحثون المشاركون في الدراسة في تقديم بعض المحاصيل التي تجاهلتها المجتمعات المحلية.

وقال المؤلف المشارك في الدراسة، مدير مختبر علم الوراثة والتكنولوجيا الحيوية وعلوم البذور في جامعة أبومي كالافي في بنين، إينوك أتشيجان داكو: “إن البيئة المتغيرة، جنبًا إلى جنب مع الحاجة إلى تنويع نظام الغذاء والتخلص من بعض المشكلات الصحية التي نعاني منها الآن، يجب أن تدفعنا إلى تغيير الطريقة التي نزرع بها الأشياء، والطريقة التي نأكل بها.. التنوع الذي نحتاجه مُتاح في الواقع”، وفقًا لموقع “جودمن بروجكت“.

وباستعمال نماذج المناخ المتوقعة لعام 2070، حدد المؤلفون المشاركون العديد من المناطق حيث من المرجح أن يجعل تغير المناخ من الصعب زراعة هذه المحاصيل الأساسية الحالية، وخاصة زراعة الذرة، في السنوات الخمسين المقبلة.

وقارن الباحثون بين السيناريوهات المستقبلية والنطاقات البيئية لـ 138 محصولًا مرشحًا أصليًا في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، والموجودة في بنوك الجينات وفي الحقول. ووفقاً للدراسة، كانت هذه محاصيل غذائية “لم يجري البحث عنها أو استغلالها أو الترويج لها بشكل كافٍ في سياق أفريقي”، ولكنها تحتوي على المحتوى الغذائي واستقرار النمو لدعم الأنظمة الغذائية الصحية والاقتصادات المحلية في المنطقة.

ووجد الباحثون أن العديد من النطاقات الحالية لهذه النباتات تشير إلى أنها ستكون قادرة على الازدهار في ظل ظروف مناخية جديدة متوقعة. ومن هذه المجموعة، قلص الباحثون قائمتهم لتشمل فقط المحاصيل ذات المحتوى الغذائي العالي.

وقال المؤلف المشارك في الدراسة، مدير بنك الجينات في مركز الخضروات العالمي في تايوان، مارتن فان زونفيلد: “إذا نظرت إلى الأنماط الأكبر، ليس فقط في أفريقيا ولكن على مستوى العالم، فهناك نوع من الميل إلى توحيد الأنظمة الغذائية، وهو ما لا يؤثر فقط على تغذيتنا ولكن -أيضًا- على مرونة أنظمة إنتاج الغذاء”.

نبات العنكبوت

حقق الباحثون بعض النجاحات، بما في ذلك مع نبات العنكبوت: حيث أصبح هذا العشب الضار السابق الآن مشهدًا شائعًا في أسواق المزارعين في كينيا، ويعمل أتشيجان داكو مع المزارعين لبيعه مباشرة للمستهلكين في بنين. كما نجح مختبره في إدخال الفاصوليا الخضراء إلى بنين من خلال مشاركة البذور من مركز الخضروات العالمي مع المزارعين.

وفي إسواتيني، يعمل فان زونيفيلد ومركز الخضروات العالمي مع المدارس لتقديم الخضروات القوية وغير المستغلة إلى حدائقها، والتي اعتادت زراعة الذرة والفاصوليا فقط.

وقال فان زونيفيلد: “تبدو هذه البرامج وكأنها طريقة واعدة للتواصل مع الشباب، وتزويدهم بوجبات أكثر تغذية، والسماح لهم -أيضًا- بتجربة هذه الأنواع من الخضروات. سيكون هؤلاء أبطالنا في المستقبل، وسيأخذون هذه الخضروات معهم. هذا حقًا جزء من حل طويل الأجل”.

وأوضح أن إحدى القضايا، “هي أنه لا يزال هناك الكثير لنتعلمه عن تنوع المحاصيل المحلية”.  وأشار فان زونيفيلد إلى فجوة معرفية كبيرة من حيث السجلات التاريخية للمحاصيل في حوض الكونغو على وجه الخصوص.

وقال: “إنها واحدة من أقل المناطق بحثًا من حيث تنوع الخضروات في القارة”. ويرجع هذا جزئيًا إلى اعتماد هذه البلدان على الواردات في غذائها. وفي العديد من أجزاء المنطقة، يُنظر إلى تناول الطعام على الطريقة الغربية -أيضًا- على أنه علامة على الثروة، في حين لا تزال الشعوب والثقافات الأصلية تعاني من التمييز. بالإضافة إلى ذلك، فإن البنية التحتية الضعيفة والصراعات المسلحة المستمرة في بعض البلدان يمكن أن تجعل من الصعب والمكلف إجراء البحوث.

ووفقًا للمدير التنفيذي لجمعية الحفاظ على حوض الكونغو في جمهورية الكونغو الديمقراطية، جوزويه أرونا، فإن معظم الاهتمام العلمي في المنطقة ركز على المحاصيل “المحسنة” التي جرى زراعتها من أجل الغلة والإنتاجية، بدلًا من التغذية أو المرونة في مواجهة تغير المناخ.