صورة تعبر عن استعمال المضادات الحيوية في الزراعة الحيوانيةصورة تعبر عن استعمال المضادات الحيوية في الزراعة الحيوانية - من ديسموغ

غذاء ومناخ

أصدرت الأمم المتحدة المسودة الأولى لخطة عالمية لمعالجة “استعمال المضادات الحيوية في الزراعة والأغذية”، والتي تضمنت هدفًا طموحًا للغاية. ولكن هذه المسودة التي سيجري مناقشة أحدث نسخة منها، اليوم الخميس 26 سبتمبر/أيلول 2024، خسرت قوتها الأولى، فما دور صناعة الأدوية البيطرية الأميركية.

تضمنت المسودة الأولى لخطة عالمية لمعالجة مقاومة المضادات الحيوية، والتي تتوافق مع دعوة من مستشاري الخبراء من زعماء العالم لاتخاذ “إجراءات جريئة ومحددة”، التزامًا بخفض استعمال المضادات الحيوية في الزراعة ونظم الغذاء بنسبة 30%، بحلول عام 2030، وفق تقرير طالعته منصة “غذاء ومناخ“.

غير أنه عند اجتماع هؤلاء القادة في الأمم المتحدة، اليوم، لاعتماد الإعلان السياسي بشأن مقاومة مضادات الميكروبات، فإن هذا الهدف الملموس وغيره سيغيب عن أحدث مسودة.

فبعد أشهر من المفاوضات والتعديلات على المقترحات، جرى استبدال هذه الالتزامات الطموحة – والفعالة على الأرجح – بهدف ضعيف بلا مخالب، تمثله جملة: “السعي إلى الحد بشكل هادف” من استعمال المضادات الحيوية في الزراعة وأنظمة الغذاء.

خطورة استعمال المضادات الحيوية في الزراعة

يشعر الخبراء والمدافعون بالقلق حيال تعديل هدف خفض استعمال المضادات الحيوية في الزراعة في المسودة التي يجري بحثها في الأمم المتحدة اليوم، “من أن هذا البند الجديد الغامض، من بين التزامات ضعيفة أخرى، سيجري  تضمينه في الإعلان النهائي”، وفقًا لـ “سيفيل إيتس“.

وقال نائب الرئيس الأول ومدير العمليات للبرامج في مؤسسة “بابليك”، أندريه ديلاتر: “لقد علمنا منذ مدة طويلة جدًا أن الإفراط في استعمال المضادات الحيوية في الزراعة الحيوانية يمثل مشكلة حقيقية للصحة العامة. إن القول بأننا سنخفض دون تحديد أهداف يُظهِر أننا لسنا جادين كما ينبغي بشأن المشكلة”.

وتأتي تلك الأخبار في لحظة محورية. ففي حين أن إلحاح مقاومة المضادات الحيوية كتهديد للصحة العامة معروف جيدًا، إلا أن دراسة حديثة صدرت الأسبوع الماضي رفعت من المخاوف بشأنها.

ووفقًا لتحليل منهجي للمشكلة، توقع الباحثون أن الوفيات الناجمة مباشرة عن مقاومة العلاج بسبب الإفراط في استعمال المضادات الحيوية، ستزداد بنسبة 70% تقريبًا بين عامي 2022 و 2050، لترتفع إلى مليوني وفاة سنويًا على مستوى العالم، مع 8 ملايين حالة وفاة أخرى مرتبطة بالاستعمال في الزراعة.

وتأتي أميركا على رأس أكبر الدول في استعمال المضادات الحيوية في الزراعة الحيوانية. كما أن الجرعات الوقائية للحيوانات بالأدوية المهمة طبيًا – أي الأدوية لعلاج البشر – لا تزال روتينية بالولايات المتحدة.

ويمكن أن يؤدي هذا الاستعمال للأدوية إلى تطوير البكتيريا المقاومة التي تهدد بعد ذلك حياة البشر. ويقول الخبراء إن الحد من استخدام المضادات الحيوية المهمة طبياً في الماشية أو القضاء عليها من شأنه أن يبطئ تطور البكتيريا المقاومة، ما يحمي فعالية الأدوية المهمة لمدة أطول.

وتوقع خبراء أنه بحلول عام 2050، سيموت ما يصل إلى 10 ملايين شخص على مستوى العالم سنويًا من العدوى المقاومة للمضادات الحيوية ما لم تنضم الولايات المتحدة إلى دول أخرى لاتخاذ إجراءات قوية سريعة لمعالجة هذه القضية.

صناعة الأدوية البيطرية الأميركية

كان المسؤولون الأميركيون مسؤولين جزئيًا على الأقل عن إضعاف التزامات إعلان الأمم المتحدة بشأن الزراعة الحيوانية. وحصلت منظمة المناصرة “الحق في المعرفة في الولايات المتحدة” على وثيقة تُظهر أن أميركا كانت واحدة من الدول القليلة المنتجة للحوم التي اقترحت حذف هدف 2030 بخفض استعمال المضادات الحيوية في الزراعة وأنظمة الغذاء 30%.

كما أكدت المنظمة أن مجموعة تجارية في واشنطن (العاصمة) تمثل صناعة الأدوية البيطرية الأميركية، اعترضت على هذا الهدف.

وقال مدير برنامج الغذاء الآمن والصحي في مؤسسة “فود أنيمال كونسيرنز (تراست)، ستيف روتش،  الذي يراقب سياسة الولايات المتحدة بشأن استعمال المضادات الحيوية في الزراعة لسنوات طويلة: “إنه على الساحة الدولية، رأى الولايات المتحدة يقوض بنشاط السياسات الأقوى مرارًا وتكرارًا”.

وأضاف: “يبدو أن الولايات المتحدة تهدف دائمًا إلى شيء أضعف”. على سبيل المثال، قال إن الولايات المتحدة عملت على إبقاء أهداف الحد من استعمال المضادات الحيوية خارج معايير سلامة الأغذية الدولية.

وكانت الولايات المتحدة -أيضًا- واحدة من خمس دول – جميعها من كبار مستخدمي المضادات الحيوية في الزراعة الحيوانية – التي لم توقع على اتفاقية عالمية سابقة، تسمى بيان مسقط الوزاري بشأن مقاومة مضادات الميكروبات، والتي تضمنت تخفيضات محددة مستهدفة.

ورغم العراقيل الأميركية، نُشرت دراسة في المكتبة الوطنية للطب في عام 2018، أكدت على وجود المضادات الحيوية في المنتجات المشتقة من الحيوانات وظاهرة مقاومة الأدوية المتعددة في العينات البيئية.

وأضافت الدراسة: “لذلك، فإن هذا يستدعي تعزيز اللوائح التي توجه تصنيع المضادات الحيوية وتوزيعها وصرفها ووصفها، وبالتالي تعزيز رعاية المضادات الحيوية. هناك حاجة إلى التعاون المشترك في جميع أنحاء العالم مع الهيئات الدولية لمساعدة البلدان النامية على تنفيذ مراقبة جيدة لاستخدام المضادات الحيوية ومقاومة المضادات الحيوية”.

وأعلنت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، في أبريل/نيسان الماضي، عن إطلاق مبادرة جديدة موجهة نحو العمل وتركز على البلدان لتقليل الحاجة إلى مضادات الميكروبات في المزارع، وسط التهديد المتزايد الذي تشكله مقاومة مضادات الميكروبات في قطاع الأغذية والزراعة، ما يؤثر على الثروة الحيوانية البرية والمائية.