المحاصيل اليتيمة قد تنقذ أفريقيا من الجوعفاكهة مانغوستين الأفريقية- الصورة من هيلثيفاي مي

غذاء ومناخ

التقى علماء النبات الطموحون والراسخون من مختلف أنحاء أفريقيا، الأسبوع الماضين في عاصمة كينيا (نيروبي)، في ورشة عمل لمراجعة أداء اتحاد المحاصيل اليتيمة الأفريقية  (إيه أوه سي سي)، التي يُنظر إليها على أنها غذاء المستقبل؛ بسبب قدرتها الملحوظة على مقاومة تغير المناخ، ليس فقط في القارة السمراء، ولكن –أيضًا- في جميع أنحاء العالم.

وفي عقده الأول، مكن الاتحاد أكثر من 172 عالمًا، 40% منهم نساء، و28 دولة أفريقية من استخدام الأساليب بمساعدة الجينوميات لتحسين المحاصيل.

واستعرضت ورشة العمل، التي شاركت في رعايتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، عددًا من الموضوعات، بما في ذلك: ما يمكن أن يسهم به الجينوميات في تطوير المحاصيل؛ وكيفية توزيع الأصناف الجديدة للاستخدام على نطاق واسع؛ وما هي نماذج الشراكة التي تعمل بشكل أفضل؛ وكيفية تعزيز قوة العمل لتطوير الأعمال التجارية للقطاع الخاص المحلي في هذا المجال، وفقًا لتقرير اطلعت عليه منصة “غذاء والمناخ“.

ما هي المحاصيل اليتيمة؟

المحاصيل اليتيمة، هي محاصيل محلية يزرعها عادة صغار المزارعين الهامشيين في ظل أنظمة الزراعة الفقيرة.

وهذه المحاصيل، التي تحظى بقبول واسع النطاق من جانب المزارعين المحليين، غنية من حيث القيمة الغذائية، ومفيدة للأغراض الطبية، ومتكيفة بشكل جيد مع ظروف النمو غير المثالية.

ومع ذلك، عانت هذه المحاصيل من الإهمال والتخلي من جانب المجتمع العلمي بسبب الاستثمارات المنخفضة أو غير الموجودة في البحث والتحسين الوراثي، وفقًا لـ “فرونتيرز“.

ومن الأسباب المعقولة لذلك أن المحاصيل اليتيمة لا يجري تداولها دوليًا بمعدل مماثل لمعدل المحاصيل الغذائية الرئيسة مثل القمح والأرز والذرة.

كما أن أن البيئات الهامشية لديها تربة فقيرة وتتميز بظروف الطقس القاسية مثل الحرارة، وهطول الأمطار غير المنتظمة، ونقص المياه، وملوحة التربة والمياه، من بين أمور أخرى. ومع تكرار الأحداث المناخية المتطرفة واستمرار تدهور الأراضي، بدأت المحاصيل اليتيمة تحظى باهتمام متجدد كمحاصيل بديلة لتنويع النظام الغذائي في البيئات الهامشية، وبالتالي في جميع أنحاء العالم.

والوعي المتزايد بالصحة الجيدة يشكل –أيضًا- أحد العوامل الرئيسة التي تسهم في إحياء الاهتمام بالمحاصيل اليتيمة.

لذلك فإن إدخال وتقييم وتكييف الأصناف المتميزة من المحاصيل اليتيمة لتنويع النظام الغذائي لن يسهم فقط في استدامة إنتاج الغذاء، بل وأيضاً في تحسين التغذية في البيئات الهامشية.

والتطورات الأخيرة في علم الجينوم إلى جانب التربية الجزيئية ستلعب دوراً محورياً في تحسين الإمكانات الوراثية للمحاصيل اليتيمة والمساعدة في تطوير أنظمة غذائية مستدامة.

وطن لتنوع غني من المحاصيل غير المستغلة

قال المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة، شو دونيو، في كلمته الافتتاحية عبر رسالة فيديو إلى ورشة العمل: “أفريقيا موطن لتنوع غني من المحاصيل غير المستغلة، والتي غالبًا ما يشار إليها باسم (المحاصيل اليتيمة)”.

ولعبت هذه المحاصيل – بما في ذلك المواد الغذائية الأساسية المحلية مثل الدخن والفواكه الغريبة مثل المانغوستين – دورًا حيويًا منذ مدة طويلة في الأنظمة الغذائية المحلية والتراث الثقافي والنظم البيئية، لكنها ظلت مهملة في الأبحاث والاستثمار ومناقشات السياسات.

وأشار دونيو إلى أن الحد من الجوع وضمان الإنتاج المستدام لأغذية أكثر تغذية لضمان اتباع أنظمة غذائية صحية يمثل تحديًا خاصًا في أفريقيا، وأضاف: “سنحتاج إلى الاستفادة من العلم والابتكار”.

ومنذ إنشائه في عام 2011، طور اتحاد المحاصيل اليتيمة الأفريقية، بالتعاون مع أكاديمية تربية النباتات الأفريقية(أفبا) وهي منشأة تدريبية تديرها جامعة كاليفورنيا، ديفيس – أدوات جديدة وتسلسل جينومات 75 من أصل 101 محصول وشجرة مستهدفة.

وبمجرد التسلسل، يحلل الباحثون لوحة البلازما الجرثومية لكل محصول، ويضعون المعلومات في المجال العام لاستخدامها من قبل المزارعين وعلماء المحاصيل الآخرين بهدف تحفيز تطوير أصناف وأصناف محسنة يمكن إطلاقها للمزارعين.

واختيار المحاصيل المستهدفة جرى من خلال نهج تشاركي من قبل العلماء. “وقد قام خبراء التنمية والمنتجون والمستهلكون بدراسة الأذواق المحلية والاحتياجات الغذائية والتغذوية ــ العديد منها غني بالمعادن والفيتامينات الأساسية ــ وإمكانات الدخل”، وفق تقرير “الفاو”.

وقال دونيو: “إن التركيز على المحاصيل اليتيمة الأفريقية لا يتعلق فقط بالأمن الغذائي. بل يتعلق بتمكين المجتمعات من زراعة المحاصيل المرنة والمغذية والمتكيفة محليًا”.

ومن بين المحاصيل اليتيمة التي جرى تقييمها حتى الآن أنواع من الخردل والبامية والخبز والبطيخ والقلقاس والقرع والبطاطا إلى جانب تفاح القشطة البري والسبانخ والبطاطس المحلية.

كما حقق الاتحاد في المحاصيل الأفريقية الأكثر شهرة مثل التيف والفونيو، وكذلك بعض المحاصيل غير المحلية مثل الأمارانث والأفوكادو والتين الشوكي. وتتوفر قائمة كاملة بالمحاصيل والأشجار المستهدفة البالغ عددها 101.

وركزت الورشة أيضًا على كيفية دمج المحاصيل اليتيمة الأفريقية بشكل أعمق في الاستراتيجيات الزراعية الغذائية الوطنية وتحديد الخطوات التالية لنقل العناصر الأساسية لنموذج الاتحاد إلى المستوى التالي في البلدان الأفريقية وأماكن أخرى.