غذاء ومناخ
تشعر شعوب دول النصف الجنوبي من الكرة الأرضية بظواهر تغير المناخ أكثر من الشمالي، بسبب أن تلك الظواهر أكثر حدة فيها،لذلك بدأ صغار المزارعين والمنظمات الشعبية تبني الزراعة البيئية، دون انتظار طاولات مفاوضات، قمة المناخ كوب 29، التي تنعقد في شهر نوفمبر/تشرين الأول المقبل في أذربيجان.
وتعزز الزراعة البيئية التنوع البيولوجي، وتحسن صحة التربة، وتقلل من الاعتماد على المدخلات الكيميائية، وكل هذا يعزز قدرة الأنظمة الزراعية على الصمود في مواجهة تأثيرات المناخن ويساعد في إزالة الكربون منها، وفقًا لتقرير اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“.
وبينما يتحدث زعماء العالم ويحاول المسؤولون تحويل القرارات إلى سياسات قابلة للتطبيق، فإن المجتمعات المحلية تتحرك نحو الحل.
ففي جميع أنحاء الجنوب العالمي، ينفذ صغار المزارعين والمنظمات الشعبية ممارسات مبتكرة تبني القدرة على الصمود في مواجهة صدمات المناخ، وفق المستشار الأول لأنظمة الغذاء المستدامة والمدير العام السابق للمركز الدولي للزراعة الاستوائية، خيسوس كوينتانا.
الزراعة البيئية تكسب أرضًا جديدة
في مناطق مثل أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وأجزاء من أميركا اللاتينية، تكتسب الزراعة البيئية زخمًا، وأرضًا جديدة؛ كأداة قوية للتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه.
وهذا النهج الزراعي، الذي يعتمد على المعرفة التقليدية ويؤكد على الأساليب المستدامة منخفضة الانبعاثات، يساعد المجتمعات على التكيف مع أنماط الطقس المتغيرة، مع تحسين الأمن الغذائي، وفقًا لـ “آي بي إس نيوز“.
وتمثل الزراعة البيئية نهجًا تحويليًا للزراعة؛ يدمج المبادئ البيئية في ممارسات الزراعة، بهدف تعزيز الإنتاجية مع الحفاظ على الصحة البيئية، وفقًا لـ “فندس فور إنجيوس”، وهي مؤسسة اجتماعية تقدم المعرفة والمهارات للمنظمات غير الحكومية والشركات والأفراد في جميع أنحاء العالم لتحسين عمليات تعبئة الموارد وتمكين بيئة مستدامة.
ووفق الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد)، تعد الزراعة البيئية جزءًا مهمًا من الحل. وقال: “هذا نهج متكامل وشامل لتحويل أنظمة الغذاء. من خلاله، من الممكن إنتاج ما يكفي من الغذاء المتنوع وبأسعار معقولة مع الحفاظ على التنوع البيولوجي والموارد الطبيعية وحمايتها”.
وتمكن الزراعة البيئية المنتجين الصغار، وخاصة النساء والشباب، من تشكيل أنظمة غذائية مستدامة. ومن خلال الجمع بين المبادئ البيئية والمعرفة التقليدية والعلوم الحديثة، تكون تقنيات الزراعة البيئية مستدامة بيئيًا وعادلة اجتماعيًا وقابلة للتطبيق اقتصاديًا، وفق إيفاد.
وأشار “إيفاد” على موقعه الإلكتروني، إلى أن نحو 60% من كل مشروعات الصندوق الدولي للتنمية الزراعية التي اكتملت بين عامي 2018 و2023؛ نفذت ممارسات زراعية بيئية. وقد ارتبط العديد منها بمبادرات التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره.
الافتقار إلى التمويل الكافي
أحد أهم العوائق أمام تحويل أنظمة الغذاء في مواجهة تغير المناخ هو الافتقار إلى التمويل الكافي.
وبينما قدمت مؤتمرات الأطراف التزامات مهمة، مثل إنشاء صندوق المناخ الأخضر، كان تدفق الأموال بطيئًا وغير كافٍ لتلبية احتياجات المجتمعات الضعيفة. واستجابة لذلك، تدخلت المؤسسات الخيرية والتمويل الخاص، كما قال خيسوس كوينتانا.
ويقوم بعض الرعاة والمؤسسات بتمويل المبادرات التي تساعد المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة على التكيف مع تغير المناخ، في حين يدعم المستثمرون المؤثرون ابتكارات التكنولوجيا الزراعية التي تعزز الإنتاجية بطريقة مستدامة. وهذه الجهود، على الرغم من كونها خارج إطار مؤتمر الأطراف، حاسمة في توسيع نطاق أنظمة الغذاء المقاومة للمناخ وتحقيق أهداف صافي الانبعاثات العالمية.
وفي حين أن قمة المناخ كوب 29، ستنتج -بلا شك- اتفاقيات عالمية مهمة، فإن الحقيقة هي أن العديد من الحلول لأزمة المناخ – وخاصة عندما يتعلق الأمر بالغذاء – قيد التنفيذ حاليًا.
ويقوم المزارعون والمجتمعات المحلية والمؤسسات الخيرية والشركات الخاصة ببناء نظام غذائي أكثر مرونة واستدامة ومنخفض الكربون.
لذلك يجب على القادة العالميين أن ينتبهوا، وفق كوينتانا. وقال: “نعم، نحن بحاجة إلى أهداف طموحة والتزامات دولية. لكننا بحاجة أيضًا إلى دعم وتوسيع نطاق الحركات الشعبية والابتكارات في القطاع الخاص التي تقود الطريق بالفعل. لن يتحقق الأمن الغذائي الحقيقي في عالم يواجه تحديات مناخية من خلال حلول من أعلى إلى أسفل وحدها – بل سيأتي من تمكين أولئك الموجودين على الخطوط الأمامية”.
ومع اقتراب قمة المناخ كوب 29 (مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين)، “دعونا لا نغفل عن ما يحدث خارج طاولات المفاوضات. يعتمد مستقبل الأمن الغذائي على العمل اليوم، بقيادة أولئك الذين لا يستطيعون تحمل الانتظار”.