غذاء ومناخ
يخشى ثلث سكان دول رابطة الآسيان من تأثير تغير المناخ على أسعار الغذاء، وفق مسح حديث.
وأشار المسح الصادر عن معهد جنوب شرق آسيا للدراسات الاقتصادية، إلى أن ما يقارب من ثلث المشاركين أكدوا أنهم “قلقون للغاية” من أن يؤثر تغير المناخ على قدرتهم على الوصول إلى الغذاء بأسعار معقولة.
وتعزز الأحداث الجوية القاسية الأخيرة في جنوب شرق آسيا مثل الفيضانات وارتفاع درجات الحرارة والجفاف، حقيقة مفادها أن بيئة الزراعة في رابطة دول جنوب شرق آسيا أصبحت أكثر تقلبًا وعدم يقين، وفقًا لتقرير اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“.
ورغم أن الزراعة تعاني من آثار تغير المناخ، لكنها سببًا رئيسًا لتغير المناخ.
ووفق الخبراء، فالزراعة مسؤولة عن ثلث انبعاثات الاحتباس الحراري، خاصة من إنتاج المحاصيل، وإزالة الغابات للزراعة، والثروة الحيوانية. وينبعث غاز الميثان من تربية الماشية وزراعة الأرز، حيث تسمح حقول الأرز المغمورة ببكتيريا معينة بتحلل المواد العضوية إلى ميثان، وهو من أخطر غازات الاحتباس الحراري.
أسعار الغذاء وإمكانات الحصول عليه
عند مناقشة تأثير تغير المناخ في أسعار الغذاء جراء التأثير في الزراعة في دول رابطة دول جنوب شرق آسيا، يجب عدم تجاهل حقيقة مفادها اعتماد المنطقة على الواردات من مواد غذائية محددة، وفق تقرير منشور في “فولكروم“.
وسوء الأحوال الجوية من شأنه أن يقلل من إنتاج الأرز والمأكولات البحرية والزيوت النباتية ويؤثر في إمداداتها ليس فقط بالنسبة لدول رابطة دول جنوب شرق آسيا، ولكن أيضًا على الدول خارج رابطة دول جنوب شرق آسيا، مثل الهند التي تستورد زيت النخيل بكثافة من المنطقة.
ومع ذلك، تستورد رابطة دول جنوب شرق آسيا الكثير من فول الصويا والذرة والقمح ولحوم البقر، مايعني أن سوء الأحوال الجوية في الدول الرئيسة المصدرة لهذه السلع يؤدي إلى نقص الإمدادات إلى رابطة دول جنوب شرق آسيا.
وارتفاع أسعار الغذاء الناتج عن ذلك سيكون له آثارًا في الصناعات الأخرى التي تعتمد عليها، مثل إنتاج الدواجن الذي يستخدم فول الصويا كعلف.
لذلك يجب أن يوازن العمل المناخي للتخفيف من حدة تغير المناخ أو التكيف معه بين الحاجة إلى المزيد من الغذاء المنتج من خلال الزراعة وفي الوقت نفسه الحد من إسهام الزراعة في الاحتباس الحراري العالمي. وبدأت دول الآسيان في تنفيذ تدابير التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معها، وإن كان ذلك بطريقة عشوائية، تاركة وضع السياسات وتنفيذها لقدرات البلدان الفردية.
ومع ذلك، يتعين على دول الآسيان أن تعمل بشكل جماعي لحل تحديات تغير المناخ المتزامنة في الزراعة، والتي تأثر بدورها في أسعار الغذاء، مثل تأثير الطقس السيئ على إمدادات الغذاء أو تقاسم تكنولوجيات التخفيف.
الأرز محصول رئيس
يظل الأرز المحصول الغذائي الرئيس للآسيان. وفي المستقبل، يجب على أي مبادرة لضمان الأمن الغذائي المستدام أن تأخذ في الاعتبار أمن الأرز. إلا أن الأرز هو –أيضًا- أعلى مصدر لانبعاثات غاز الميثان، وهو غاز قوي من غازات الاحتباس الحراري، في جنوب شرق آسيا، والجهود المبذولة لزيادة محصول الأرز تؤدي حتماً إلى انبعاث المزيد من غاز الميثان.
وتُعد فيتنام نموذجاً يحتذى به في تحديد هدف واضح وقابل للقياس للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من خلال مبادرتها “مليون هكتار من الأرز منخفض الانبعاثات”، حيث تعهدت بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 30% بحلول عام 2030، من خلال استهداف إنتاج الأرز بالحد من انبعاثات غاز الميثان من خلال ممارسات الزراعة.
وتدمج فيتنام مبادرة الأرز في مساهمتها الوطنية المحددة. وسيكون توسيع مبادرة فيتنام لتشمل بلدان أخرى منتجة للأرز في رابطة دول جنوب شرق آسيا خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح لمكافحة الاحتباس الحراري العالمي.
وداخل رابطة دول جنوب شرق آسيا، تعمل العديد من الآليات القائمة على تسهيل العمل الاستباقي بشأن تغير المناخ.
كما كان الدليل الشامل للتعاون الإقليمي في رابطة دول جنوب شرق آسيا هو “الرؤية وخطة العمل الاستراتيجية بشأن الغذاء والزراعة والغابات، 2016-2025”. وضُمن تغير المناخ والأمن الغذائي في هذه الخطة.
ويمكن –أيضًا- تعزيز العمل الجماعي من خلال المساهمات من المبادرات الوطنية في آسيان، مثل مركز أبحاث المناخ في سنغافورة ،الذي عرض مشاركة بيانات المناخ الإقليمية مع آسيان الأخرى للمساعدة في التنبؤ بتأثير المناخ على استخدام الأراضي الزراعية وإنتاج الغذاء.
كما استثمر القطاع الخاص في التخفيف من آثار المناخ والتكيف معه من خلال نماذج الأعمال التي توفر فوائد على ما يبدو لكل من المزارعين الصغار والبيئة على نطاق واسع. ومن الأمثلة على ذلك شركة رايز، وهي شركة لإزالة الكربون من الأرز أنشأتها مجموعة مستثمرين تضم شركة تيمسيك القابضة السنغافورية، لزيادة تبني المزارعين لمجموعة من الممارسات الزراعية مثل “الترطيب والتجفيف البديل” لحقول الأرز، والتي يقال إنها يمكن أن تقلل من انبعاثات الميثان بنسبة 30-40%.