غذاء ومناخ
تناقش أوروبا – حاليًا- مع سلطات دول الشرق الأوسط، تأثير ضريبة الكربون على صادرات الأسمدة، خاصة من مصر والمغرب، والتي يبدأ الاتحاد تطبيقها بدءا من عام 2026، وفق تصريحات مسؤول أوروبي لمنصة “غذاء ومناخ“.
وقال رئيس وفد الاتحاد الأوروبي في مصر، السفير كريستيان برغر، إن بروكسل تراجع وتنسق كل التعليقات التي حصلت عليها من تلك الدول في 2025، لاتخاذ قرار نهائي بهذا الشأن.
وردا على تساؤل عن المخاوف على صادرات الأسمدة إلى أوروبا من ضريبة الكربون في هذه الدول، قال برغر: “الكثير خائفون لكن نريد من الشركات إن تصبح أكثر تنافسية في الأسواق الدولية، ضريبة الكربون تعمل في الاتجاهين”.
تهديد ضريبة الكربون
تهدد ضريبة الكربون التي تفرضها أوروبا صادرات الأسمدة من الدول العربية، الواقعة في شمال أفريقيا، التي تصدر إنتاجها إلى بروكسل، خاصة من مصر والجزائر والمغرب، إذ أن الدول العربية في الخليج توجه أسمدتها للأسواق الآسيوية، لذلك لن تتأثر كثيرًا بتلك الضريبة.
وكان وزير الطاقة والمناجم الجزائري، محمد عرقاب، قد أشار في تصريحات سابقة، إلى أن صادرات بلاده من الأسمدة تبلغ 7 ملايين طن سنويًا، وتتنوع بين المصنعة والنصف نهائية، وتشمل 3 ملايين طن من اليوريا، ومليونَي طن من الفوسفات المعالج ومليونَي طن من الأمونيا.
بينما بلغت الصناعات الكيماوية والأسمدة في مصر، ما يقارب من 5 مليارات دولار، في أول 8 أشهر من العام الجاري، وفق تصريحات رئيس المجلس التصديري، خالد أبو المكارم.
وتعرضت مصر في شهر يونيو/حزيران الماضي إلى أزمة في توافر الغاز، بسبب شح النقد الأجنبي، وهو يمثل أكثر من 80% من خامات إنتاج الأسمدة، نتيجة نقص النقد الأجنبي، ما انعكس سلبًا على صادرات الأسمدة، وفق أبوالمكارم.
وكانت صادرات الأسمدة المصرية قد حققت مستوى تاريخي في أول 8 أشهر من عام 2022، حيث بلغت قيمتها 5.7 مليار دولار.
وبلغت صادرات مصر من الصناعات الكيماوية والأسمدة 6.5 مليار دولار، خلال العام الماضي (2023)، مقابل 8.63 مليار دولار في 2022، منخفضة بنسبة 25%.
وكشف المجمع الشريف للفوسفات المغربي (OCP)، عن تسجيل تعاملات بلغت قيمتها 91.2 مليار درهم (9.15 مليار دولار) خلال عام 2023، مع عودة قوية للنشاط خلال النصف الثاني من السنة.
وقالت وكالة “يوروستات”، إن قيمة الأسمدة الأوروبية المستوردة من المغرب، بلغت 111 مليون يورو خلال شهر يوليو/تموز الماضي فقط، ما وضع المملكة في المرتبة الثانية بين موردي الأسمدة للاتحاد، وتعكس هذه الأرقام أهمية المغرب في سوق الأسمدة، في ظل الطلب المتزايد من دول الاتحاد الأوروبي، وفق موقع “كواليس الريف”.
ضريبة الكربون التي ستفرضها أوروبا على الواردات من سلع عديدة من بينها أوروبا نفسها، قد تؤثر على أسواقها الداخلية، وفق تصريح سابق لمنصة “غذاء ومناخ”، من مستشار الوزير، ورئيس قسم التجارة بالسفارة الأوروبية في مصر، نيكولاوس زغيميس.
وقال: “ضريبة الكربون لا علاقة لها بالزراعة أو الغذاء، لأن الغذاء نفسه غير مشمول. لكن الأسمدة ضمن السلع التي ستخضع للضريبة، وستكون آثارها غير مباشرة”.
وأضاف أن تأثير ضريبة الكربون على الأسمدة مرتبط بالإنتاج المحلي، إذ تحتاج دول الاتحاد الأوروبي إلى الأسمدة لإنتاج الغذاء ولكن عندما تصدر أي دولة الغذاء إليها، لن يتأثر.
تأثير على واردات الأسمدة
هناك دلائل على إمكانات تأثر الأسواق الأوروبية بفرض ضريبة الكربون على الواردات من الأسمدة، والتي قد تبلغ 100 يورو على الطن الواحد، أن روسيا، التي تعدها بروكسل عدوها اللدودن والتي سعت منذ بداية حربها ضد أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، احتلت المرتبة الأولى بين مصدري الأسمدة للاتحاد في يوليو/تموز الماضي.
ووفق الموقع الإلكتروني للمفوضية الأوروبية، فإن آلية تعديل حدود الكربون التابعة للاتحاد الأوروبي، هي أداة الاتحاد لوضع سعر عادل على الكربون المنبعث أثناء إنتاج السلع كثيفة الكربون التي تدخل دول التكتل، وتشجيع الإنتاج الصناعي الأنظف في البلدان غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
ومن خلال التأكيد على دفع سعر للانبعاثات الكربونية المضمنة الناتجة عن إنتاج سلع معينة مستوردة إلى الاتحاد الأوروبي، ستضمن آلية تعديل حدود الكربون أن يكون سعر الكربون للواردات معادلاً لسعر الكربون للإنتاج المحلي، وأن أهداف المناخ للاتحاد الأوروبي لا يجري تقويضها. وصُممت آلية مراقبة الأغذية وفقًا لقواعد منظمة التجارة العالمية.
وستطبق الآلية وفقًا لنظامها النهائي اعتبارًا من عام 2026، في حين تستمر المرحلة الانتقالية الحالية بين عامي 2023 و2025. ويتماشى هذا الإدخال التدريجي للآلية وفقًا لنظامها مع التخلص التدريجي من تخصيص المخصصات المجانية بموجب نظام تداول الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي (ETS) لدعم إزالة الكربون من صناعة الاتحاد الأوروبي.
وتغطي الضريبة مجموعة من السلع، منها الأسمنت والصلب والكهرباء.