غذاء ومناخ
بفضل قيمته الغذائية الاستثنائية وبصمته البيئية المنخفضة نسبيًا، يبدو سمك السلمون المستزرع مناسبًا لمواجهة تحديات إطعام عالم يشهد نموًا متواصلًا. لذلك، كانت هناك جهود كبيرة من أطراف مختلفة لتطوير تربية هذه الأسماك، بما في ذلك مبادرة السلمون العالمية (جي إس آي).
وتلتزم المبادرة بجعل سمك السلمون المستزرع أساسي في أنظمة الغذاء المستدامة. وتفعل ذلك من خلال مواءمة القطاع مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة وأهداف المناخ لعام 2030.
وتساعد مبادرة السلمون العالمية في تشكيل مستقبل حيث يمكن لتربية الأحياء المائية دعم كل من الناس والكوكب، وفقًا لتقرير اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“.
ومبادرة السلمون العالمية، هي جهد قيادي تعاوني أسسها الرؤساء التنفيذيين لمزارع السلمون العالمية، بغرض التحسينات المستمرة في قطاع تربية السلمون العالمي، والتي تدعم أنظمة غذائية أكثر صحة واستدامة حاليًا ومستقبلًا، وفق موقعها الإلكتروني.
تربية السلمون المستزرع
ما هو غير معروف -أحيانًا- عن تربية الأحياء المائية، وخاصة السلمون المستزرع، هو بصمته البيئية المنخفضة. ومع انخفاض استخدام الأراضي والمياه العذبة وانبعاثات أقل مقارنة بمعظم البروتينات الأرضية، يبرز السلمون في المزارع كواحد من أكثر البروتينات الحيوانية كفاءة من الناحية البيئية المتاحة.
كما يُعد السلمون المستزرع خيارًا متاحًا ومتعدد الاستخدامات يناسب مجموعة متنوعة من الأنظمة الغذائية. فهو غني بالعناصر الغذائية، وبأحماض أوميغا 3 الدهنية، والفيتامينات الأساسية مثل د وب 12، وهو مصدر جيد للبروتين عالي الجودة.
وهذا المزيج من توفير العناصر الغذائية الأساسية ذات البصمة البيئية المنخفضة؛ هو ما يضع سمك السلمون المستزرع في موقع يمكنه من أداء دور مهم في تغذية المجتمعات مع دعم أنظمة الغذاء المستدامة.
ومع ذلك، مثل جميع قطاعات إنتاج الغذاء الأخرى، يجب أن يخضع القطاع لتحول كبير لتلبية المطالب المزدوجة المتمثلة في إطعام عدد متزايد من السكان والحد من التأثيرات البيئية.
وفي إطار المبادرة، يُعتقد أن التعاون ضروري لدفع التغيير الهادف عبر قطاع سمك السلمون المستزرع بالسرعة والحجم اللازمين لمعالجة تغير المناخ. يعمل أعضاء المبادرة لمعالجة التحديات البيئية المشتركة، وتسريع التقدم نحو أهداف الاستدامة العالمية.
ومن أهم العناصر التي تركز عليها المبادرة، تحسين استدامة أعلاف الأحياء المائية. وتعد مكونات الأعلاف جزءًا أساسيًا من تربية الأسماك في توفير العناصر الغذائية الأساسية للأسماك والمستهلك النهائي. ومع ذلك، غالبًا ما تأتي هذه المكونات من سلاسل إمداد معقدة ذات مخاطر بيئية واجتماعية، بما في ذلك انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي، وتحويل الأراضي واستخدام الموارد الطبيعية مثل مصايد الأسماك البرية.
لذلك دخلت المبادرة في شراكة مع الصندوق العالمي للحياة البرية؛ لتطوير أداة تقييم المخاطر البيئية والاجتماعية والحوكمة في مجال الأعلاف. وتمكن هذه الأداة الأعضاء من تحقيق إمكانية التتبع الكامل لجميع جوانب سلسلة التوريد، وبناء وعي أكبر بالمخاطر المحتملة ومجالات التحسين، وفي نهاية المطاف، توجيه عملية اتخاذ القرار بشكل أفضل للحد من التأثيرات عبر سلاسل التوريد.
استخدام ستارة الفقاعات
تُظهِر أدوات مثل هذه كيف يمكن للابتكار المشترك والشفافية أن يعززا ملف الاستدامة في القطاع. وعلاوة على ذلك، لا تقتصر هذه الأداة على سمك السلمون المستزرع؛ بل يمكن تطبيقها عبر قطاعات الثروة الحيوانية والبروتين لدفع التحسينات طويلة الأجل وواسعة النطاق، وفقًا لـ “تريلز”.
وقال نائب الرئيس الأول لمعهد أسواق الصندوق العالمي للحياة البرية جيسون كلاي: “لقد أحرزت المبادرة تقدمًا أكبر في تحقيق الأهداف البيئية للشركات الفردية وتحسينات القطاع مقارنة بأي قطاع آخر. وقد استفادت الصناعة وسمعتها من هذا العمل التعاوني”.
كما بذل برنامج “التحدي البحري” في أيرلندا جهودًا أخرى لتحسين صحة سمك السلمون في مواقع التربية في البحر باستخدام ستارة فقاعية لتقليل تدفق العوالق والتخفيف من المشكلات الصحية ذات الصلة.
ويهدف هذا المشروع، الذي بدأ في عام 2021، إلى تعزيز قدرة سمك السلمون على البقاء في مواقع البحر على طول الساحل الغربي لأيرلندا من خلال معالجة المشكلات الصحية المرتبطة بزيادة الكتلة الحيوية للعوالق في المياه الأيرلندية.
وعلى مدى السنوات الأربع إلى الخمس الماضية، تسببت مستويات العوالق المتزايدة في حدوث مشكلات صحية للأسماك، وفي الحالات الشديدة، الوفيات.
وبالتعاون بين منتجي سمك السلمون ووكالة تنمية المأكولات البحرية الأيرلندية، وخبراء تحديد العوالق، استكشف المشروع استخدام “ستارة فقاعية” أو “شاشات فقاعية” في مزارع سمك السلمون. ويخلق هذا الحل المبتكر حاجزًا افتراضيًا حول مواقع الأسماك، ما يقلل من تدفق الأنواع العوالق وبالتالي تحسين الظروف البيئية للأسماك، وفق الموقع الإلكتروني للمفوضية الأوروبية.