غذاء ومناخ
تستطيع مخلفات الطعام العمل كوقود يمكنها تشغيل الصواريخ، كونها تعزز إنتاج الغاز الحيوي الغني بالميثان، والذي يمكن استعماله لإنتاج الكهرباء أو الغاز الطبيعي المتجدد.
وهناك اعتراف متزايد بأن مخلفات الطعام المتعفنة في مكبات النفايات تشكل مشكلة ضخمة للمناخ، لأنها تولد غازًا حيويًا غنيًا بالميثان أثناء تحلله، والذي يتسرب الكثير منه إلى الغلاف الجوي.
وتعد مكبات مخلفات الطعام ثالث أكبر مصدر لانبعاثات الميثان في أميركا، وهو أقوى من ثاني أكسيد الكربون بنحو 84 إلى 87 مرة كغاز دفيئة خلال مدة تصل إلى 20 عامًا.
لذلك يمثل التحرك السريع لخفض انبعاثات الميثان، من أقوى الإجراءات لتجنب التأثيرات الأكثر كارثية في الكوكب، وفقًا لتقرير اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“.
تجنب إلقاء مخلفات الطعام في مكبات النفايات
تساءل رئيس منظمة “إنرجي فيجن” غير الربحية، مات توميش، في مقال كتبه على موقع”تريبل بنديت“، عن كيف يمكن تجنب إلقاء مخلفات الطعام في مكبات النفايات؟ وقال: “في البداية، يُعد نصف طعام الأميركيين الملقى في مكبات النفايات صالح للتناول تمامًا، ويجب إعادة توزيعه بدلاً من التخلص منه”.
وبالنسبة للنصف الآخر غير الصالح للأكل، “نحتاج إلى تحويله إلى سماد أكثر. وتشكل الفواكه والخضروات مواد خام جيدة للتسميد في الساحات الخلفية والمجتمعات المحلية، والتي تطلق غاز الميثان بصورة محدودة”.
غير أن الدهون والزيوت والشحوم واللحوم والأسماك ومنتجات الألبان لا يمكن تحويلها إلى سماد إلا في منشآت تجارية واسعة النطاق، وتُظهر بيانات الأقمار الصناعية لوكالة ناسا من كاليفورنيا أن هذه المواقع تنبعث منها -في المتوسط- كمية من غاز الميثان تعادل ما تنبعث من مكبات النفايات.
لذلك يرى توميش أن أميركا بحاجة إلى طريقة أخرى لإبعاد النفايات الغذائية غير الصالحة للتناول وغير القابلة للتحويل إلى سماد عن مكبات النفايات ومعالجتها دون انبعاث غاز الميثان.
وقال: “لحسن الحظ، تمتلك العديد من المدن والبلدات سلاحًا سريًا يمكنه القيام بذلك: محطات معالجة مياه الصرف الصحي”. وأوضح أن هناك أكثر من 15 ألف محطة معالجة مياه الصرف الصحي، ويمكن للعديد منها خفض انبعاثات الميثان من مخلفات الطعام.
وفي أنحاء الولايات المتحدة، تستخدم 475 محطة كبيرة لمعالجة مياه الصرف الصحي خزانات خالية من الهواء، تسمى هضمات لاهوائية لمعالجة الحمأة (عملية تحلل حيوي للمواد العضوية في غياب الأكسجين). ومع تحلل الحمأة، تنتج غازًا حيويًا غنيًا بالميثان، والذي يجري التقاطه واستخدامه مصدرًا للطاقة أو إشعاله.
وتعمل مخلفات الطعام مثل وقود الصواريخ. وكلما تم تحويل المزيد من النفايات الغذائية من مكبات النفايات ومعالجتها في هضمات، زاد إنتاجها من الغاز الطبيعي المتجدد، وزادت قدرتها على خفض انبعاثات الميثان من كل من قطاعي النفايات والطاقة.
هضمات لاهوائية
تشير دراسة تمهيدية أعدتها مؤسسة إنرجي فيجن، حول أجهزة الهضم اللاهوائي لمياه الصرف الصحي، إلى أن أكبر 50 محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي في الولايات المتحدة والمجهزة بأجهزة تحلل حيوي بدون أكسجين، تستطيع إجراء تحلل حيوي لنسبة 7.5% من مخلفات الطعام في البلاد.
وعلى سبيل المثال، يمكن لمحطة معالجة مياه الصرف الصحي في نيوتاون كريك في بروكلين، أن تحلل ما يصل إلى 500 طن من نفايات الغذاء يوميًا.
وإذا فعلت معظم محطات معالجة مياه الصرف الصحي البالغ عددها 475 محطة والتي تستخدم أجهزة الهضم تلك، فيمكنها التعامل مع نحو 10% من إجمالي مخلفات الغذاء في الولايات المتحدة، وتجنب انبعاثات الميثان الهائلة.
وقال مات توميش إن البدء بالبنية التحتية الحالية لمياه الصرف الصحي في المناطق الحضرية والضواحي يوفر سنوات وعشرات الملايين من الدولارات لكل مشروع، والتي كان من الممكن أن يتم إنفاقها بخلاف ذلك لبنائها من الصفر.
وأضاف أن إجراء التعديلات اللازمة لاستقبال وخلط ونقل النفايات الغذائية إلى أجهزة الهضم اللاهوائي الموجودة يتطلب وقتًا ومالًا أقل بكثير، بتكلفة متوسطة تتراوح بين 500 ألف دولار إلى 2.5 مليون دولار. “هذا هو العمل المناخي بميزانية يمكن للبلديات التعامل معها”.
ويمكنهم تعويض نفقاتهم وكسب دخل صافٍ من خلال فرض رسوم الإكرامية لاستقبال مخلفات الطعام، ومن خلال استثمار إنتاج الغاز الحيوي الموسع كمصدر للطاقة النظيفة. يمكن للغاز الحيوي توليد الطاقة في الموقع، وخفض تكاليف تشغيل المصنع، و/أو ترقيته إلى الغاز الطبيعي المتجدد وبيعه إلى شبكة الغاز أو توزيعه محليًا كوقود للمركبات.
وبدأت بعض المصانع مؤخرًا في الاستفادة من كل من مصادر الدخل الجديدة، مثل محطة معالجة مياه الصرف الصحي “بليزنت غروف” في روزفيل، كاليفورنيا. تستخدم جزءًا من الغاز الحيوي لتشغيل التوربينات الصغيرة التي تعمل على تشغيل المصنع، بينما يجري ترقية الباقي إلى الغاز الطبيعي المتجدد، والذي يوزع في الموقع لتشغيل جزء من أسطول شاحنات القمامة في المدينة.