سد النهضة الإثيوبيسد النهضة الإثيوبي - الصورة من دايلي مافريك

غذاء ومناخ

في الوقت الذي تشهد فيه منطقة حوض النيل العديد من الأحداث الساخنة، بطلها سد النهضة الإثيوبي، بدءاً من النشاط الزلزالي غير المسبوق في أديس أبابا، مروراً باستغلال الكهرباء التي يولدها السد في تعدين البيتكوين، إلى التقارب الصومالي الإثيوبي برعاية تركية، وحتى انسحاب بوروندي من بعثة حفظ السلام الأفريقية في مقديشو، يظل وضع مصر مجمداً ولا يُتوقع أي حل قريب.

وكتب الجيولوجي المصري عباس شراقي على صفحته على فيس بوك، قائلًا: ” استمرار حالة النشاط الزلزالى غير المسبوق فى إثيوبيا حيث وقع صباح اليوم الإثنين 30  ديسمبر/كانون الأول 2024 ، 7 زلازل بقوة 5.1 درجة على عمق 10 كيلومتر، تبعد 500 – 600 كيلومتر عن سد النهضة، و100 – 150 كيلومتر من العاصمة أديس أبابا”.

وأضاف أن المدير العام للمعهد الجيولوجي الإثيوبي، إيجارا تسفاي، أعلن أمس أن سد النهضة غير معرض لخطر الزلزال، كما نشرت وكالة الأنباء الإثيوبية أن منطقة السد لم تتعرض للزلازل خلال الخمسين عاما الماضية.

وأشار إلى أن منطقة سد النهضة تبعد 500 كيلومتر عن الأخدود الأفريقى داخل إثيوبيا، والنشاط الزلزالى بها أقل من منطقة الأخدود، ولكنها ليست خالية من الزلازل التاريخية لأن بها العديد من الفوالق والتشققات الكبيرة التى أثرت فى شكل البحيرة، وقد تعرض سد النهضة لزلزال يوم 8 مايو/أيار 2023 الساعة 2:26 مساء بتوقيت القاهرة بقوة 4.4 ريختر على عمق 9.8 كيلومتر، ويبعد 100كيلومتر فقط شمال شرق سد النهضة. وتسرب المياه من بحيرة سد النهضة من خلال التشققات يساعد على انزلاق الكتل الصخرية ويزيد من النشاط الزلزالى.

وقال في حسابه الذي تابعته منصة “عذاء ومناخ“: “ربما تكون الزلازل الحالية غير مؤثرة الآن، ولكن سيكون لها تأثير كبير فيما بعد خاصة اذا ازدات قوتها واقتربت من السد، بعد اكتمال التخزين بـ 60 مليار م3، وأن سد النهضة نفسه سوف ينشئ زلازل نتيجة وزن السد الرئيس والسرج (150 مليون طن)، ووزن البحيرة 60 مليار طن.

تعدين البيتكوين بفضل سد النهضة

تستغل إثيوبيا حاليًا طاقتها الكهرومائية الهائلة، التي تولدها من سد النهضة  لتعدين البيتكوين، ما ساعدها على توليد 18% من دخل الطاقة الكهربائية من هذا النشاط، وتحويل الطاقة الخاملة إلى أصل مربح. وأنفقت الدولة الأفريقية مليار دولار على التعدين في العام الماضي، وهو يتجاوز بنسبة كبيرة الأرباح الناجمة عن صادرات الكهرباء.

صورة تعبر عن تعدين البيتكوين من راتس

وأبرمت إثيوبيا اتفاقيات مع أكثر من 25 شركة تعدين، ما سمح للحكومة بتوليد ملايين الدولارات خلال عدة أشهر. وقد اجتذبت الاتفاقيات العديد من شركات التعدين الدولية إلى البلاد وساعدتها في توليد الإيرادات من فائض الكهرباء لديها.

وتعد تعرفة الكهرباء في إثيوبيا من بين الأكثر تنافسية على مستوى العالم، وهي عامل جذب كبير لشركات التعدين التي تبحث عن مواقع بأسعار معقولة لعمليات تعدين البيتكوين. ونتيجة لذلك، أثبتت إثيوبيا نفسها كقائدة في نشاط تعدين البيتكوين، وجذبت استثمارات ضخمة، خاصة من شركات التعدين الصينية بعد الحظر في الصين.

وبرزت البلاد كمركز لتعدين البيتكوين، حيث حققت أكثر من 55 مليون دولار في 10 أشهر. ويمكن أن يعزى النمو الملحوظ والعائد المالي إلى موارد الطاقة الوفيرة في البلاد، وفق مؤسس شركة “بيتكوين بير”، كال كاسا.

وأضاف: “أصبحت إثيوبيا مركزًا رئيسًا لتعدين البيتكوين بسبب أسعار الكهرباء التنافسية للغاية، إذ يبلغ سعر الكيلوواط/ساعة  3.2 سنتًا فقط، لذلك فإن كهربائنا أرخص بكثير من العديد من الأجزاء الأخرى من العالم”، وفق ما ذكره موقع “كريبتو دايلي”.

وفد الصومال يصل إلى أديس أبابا

وصل وفد حكومي من الصومال إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، يوم الاثنين الماضي، للإشراف على تنفيذ “إعلان أنقرة”، وهو اتفاق توصل إليه البلدان لحل نزاع استمر قرابة العام.

وأفادت وكالة الأنباء الوطنية الصومالية (سونا)، أن وفد الحكومة الفيدرالية ترأسه وزير الدولة للشؤون الخارجية علي بلد. وبحسب الوكالة، استهدفت الزيارة أيضًا “تعزيز العلاقات القائمة على الاحترام المتبادل والتعاون المثمر بين الصومال وإثيوبيا، كجزء من الجهود الرامية إلى تعزيز الشراكات الثنائية في مختلف المجالات”.

كما استهدفت “بناء علاقات جيدة مع الدول المجاورة، على أساس الاحترام الكامل لسيادة كل دولة ووحدتها وسلامة أراضيها”.

وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قد أعلن عن “اتفاق تاريخي” في 11 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بين الصومال وإثيوبيا، خلال مؤتمر صحفي مشترك في أنقرة مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، بحسب موقع “ميم“.

ووقّعت مصر اتفاقية دفاعية مع الصومال لتعزيز التعاون الأمني ​​في أغسطس/آب الماضي، ما أثار غضب أديس أبابا، وهو ما انعكس في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

وفي سياق متصل، أعلنت بوروندي رسميًا انسحابها من بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الصومال (أوسوم)، ما يمثل تحولًا كبيرًا في جهود حفظ السلام في المنطقة.

ويأتي القرار بعد خلافات حول تخصيص القوات للمهمة المقبلة. وكانت بوروندي قد طلبت إرسال 2000 جندي إضافي لتتمكن من حماية جنودها، لكن الصومال خصصت 1041 جنديًا فقط، وهو التناقض الذي أدى إلى قرار بوروندي بالانسحاب من عملية (أوسوم) الجديدة المقرر أن تبدأ في عام 2025، بحسب “شيمب ريبورتس”.

أردوغان وأحمد وشيخ بعد توقيع الاتفاقية بين الصومال وإثيوبيا – الصورة من فيرست بوست

ورغم كل هذه الأحداث الساخنة المتعلقة بأزمة سد النهضة، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، لم يتغير وضع مصر (أكبر المتضررين من السد الإثيوبي) منذ إعلانها تجميد المحادثات مع أديس أبابا نهاية العام الماضي، ولا يبدو أن هناك أي حلول في الأفق.