غذاء ومناخ
أدت درجات الحرارة المرتفعة بنحو 3 درجات مئوية عن المعدل الطبيعي؛ إلى تسريع نمو درنات البطاطس، إلا أنها أضرت بحجمها ووزنها، ما يشكل تهديدًا خطيرًا لإمدادات الغذاء. لذلك، يعمل العلماء الصينيون بشكل عاجل لحماية محاصيل البطاطس – وهي مصدر غذائي أساسي في جميع أنحاء العالم – ضد التهديد المتزايد لتغير المناخ.
وبرزت الصين كمنتج رائد للبطاطس، حيث أسهمت بأكثر من 93 مليون طن متري في إمدادات العالم في عام 2023. كما كان لعدة دول حصص كبيرة في الإنتاج العالمي، مثل الهند وأوكرانيا وروسيا وأميركا وألمانيا، ما يبرز الانتشار الجغرافي الواسع لقدرات إنتاج البطاطس.
ويسلط بحث أُجري في المركز الدولي للبطاطس (سي آي بي) في بكين الضوء على تأثير ارتفاع درجات الحرارة على محاصيل البطاطس، ما دفع إلى إلى تحرك وطني نحو حلول زراعية مقاومة للمناخ، وفقًا لتقرير اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“.
محاصيل البطاطس والحرارة المرتفعة
كشفت دراسة نُشرت في مجلة “كليمت سمارت أغريكلتشر”، بقيادة عالم الأحياء الجزيئي لي جيبينج، أن البطاطس المعرضة لحرارة أعلى بمقدار 3 درجات مئوية من المتوسطات الحالية في منطقتي خبي ومنغوليا الداخلية (تتمتع بالحكم الذاتي في الصين) شهدت انخفاضًا كبيرًا في الغلة بنسبة تزيد عن 50%.
ولاحظ لي أنه في حين أن درجات الحرارة المرتفعة أدت إلى تسريع نمو الدرنات، إلا أنها أضرت بحجم ووزن البطاطس، ما يشكل تهديدًا خطيرًا لإمدادات الغذاء.
ففي منغوليا الداخلية، يكافح المزارعون الاضطرابات المرتبطة بالمناخ، بما في ذلك هطول الأمطار غير المنتظمة، وتأخير الحصاد، وتفاقم أمراض المحاصيل. وأفاد وانج شيي، مدير شركة “هيبي جيون” للتطوير الزراعي، أن الأمطار الغزيرة هذا العام أعاقت جهود الحصاد.
وفي الوقت نفسه، أعرب المدير العام لشركة “ياكشي سينفينج” لصناعة البطاطس، لي شيو مين، عن قلقه إزاء المقاومة المتزايدة للأمراض مثل اللفحة المتأخرة لأساليب المكافحة التقليدية.
ويزدهر مرض اللفحة المتأخرة في الظروف الأكثر دفئًا ورطوبة المرتبطة بتغير المناخ. ويتجه الباحثون الصينيون إلى التقنيات الزراعية المتقدمة لمكافحة هذه التحديات.
وفي منشأة بحثية في يانتشينج، بالعاصمة (بكين)، يستخدم العلماء الزراعة الهوائية والدراسات الوراثية؛ لزراعة أصناف البطاطس المقاومة للحرارة والأمراض. وأكد لي جيبينج أن التغييرات في ممارسات الزراعة، مثل تغيير مواسم الزراعة أو الانتقال إلى ارتفاعات أعلى، قد تصبح ضرورية في غضون العقد المقبل.
ويحذر الباحثون من أنه بدون تدخل فوري، يمكن أن تؤثر درجات الحرارة العالمية المرتفعة بشدة على سبل عيش المزارعين ومحاصيل البطاطس وأسعارها، ما يزيد من الضغط على الأمن الغذائي، وفق موقع “بوتاتو برو”.
تحسن الإنتاج
تكشف قاعدة بيانات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) لعام 2023، أن إجمالي المساحة المزروعة عالميًا بلغ 16.8 مليون هكتار، بانخفاض عن 18.1 مليون هكتار في عام 2022.
وعلى الرغم من انخفاض المساحة المزروعة، فقد ارتفع إجمالي إنتاج البطاطس إلى 383 مليون طن متري في عام 2023، مقارنة بـ 376 مليون طن متري في عام 2022. وتشير هذه الأرقام إلى تقدم الصناعة في تحقيق زيادة في محاصيل البطاطس من خلال الممارسات والابتكارات المحسنة.
وتسلط تلك البيانات الضوء -أيضًا- على الاتجاهات الناشئة ومجالات النمو المحتملة. وتؤدي آسيا، بوصفها أكبر منتج إقليمي للبطاطس، دورًا حاسمًا في تلبية الطلب العالمي.
وتعمل دول مثل الهند وباكستان وبنغلاديش على تحديث أنظمتها الزراعية، ودمج الميكنة وتقنيات الزراعة المتقدمة لزيادة الإنتاجية. بالإضافة إلى ذلك، تساعد الجهود المبذولة لتحسين البنية التحتية للتخزين والنقل بعد الحصاد في المنطقة في تقليل الخسائر وضمان سلسلة توريد مستقرة.
وتشير إسهامات أفريقيا المتزايدة، إلى جانب التقدم المستمر في التكنولوجيا الزراعية، إلى فرص للتوسع. وتستثمر الدول الأفريقية بشكل متزايد في البحث والبنية الأساسية للتغلب على التحديات مثل محدودية الوصول إلى المياه وبذور البطاطس عالية الجودة. ومن خلال تبني تقنيات الري المبتكرة وتطوير أصناف البطاطس المقاومة للمناخ، تستعد القارة لزيادة إنتاجها بشكل كبير في السنوات القادمة.
وفي الوقت نفسه، تواصل أوروبا الريادة في الابتكار، مع التركيز على الممارسات المستدامة وأصناف البطاطس عالية الغلة.
وتضع الدول الأوروبية الأمثلة من خلال التقدم في الزراعة الدقيقة، ما يمكن المزارعين من تحسين المدخلات مثل الأسمدة والمبيدات الحشرية مع تعظيم الغلة. كما أن التركيز الأوروبي على الحد من البصمة الكربونية لإنتاج البطاطس يتماشى مع أهداف الاستدامة العالمية الأوسع.
وفي أميركا الشمالية، تعمل الحلول القائمة على التكنولوجيا على تشكيل مستقبل زراعة البطاطس. من مراقبة الحقول بمساعدة الطائرات بدون طيار إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بتفشي الأمراض، تعمل المنطقة على دمج أدوات متطورة لتحسين الإنتاجية وتقليل الخسائر.
وعلى مستوى العالم، تشهد صناعة البطاطس أيضًا ارتفاعًا في الاهتمام بالإنتاج العضوي. ويعكس هذا التحول الطلب المتزايد من المستهلكين على خيارات الطعام المستدامة والصحية.
وتستكشف البلدان في جميع القارات طرقًا لتوسيع نطاق زراعة البطاطس العضوية مع الحفاظ على العائدات التنافسية، وفق موقع “بوتاتو نيوز توداي“.