غذاء ومناخ
سلطت المنهجية المحدثة لمؤشر حالة المخزونات، الصادرة اليوم، الضوء على التحديات المستمرة في مصايد الأسماك الرئيسة، وخاصة في جنوب شرق آسيا، حيث تواجه أسماك التونة الوثابة وأسماك التونة الصفراء (ذات الزعانف الصفراء) تأثيرات تغير المناخ.
وكشفت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، الثلاثاء 25 فبراير/شباط 2025، عن تفاصيل تحديث رئيس للمنهجية في قمة هونيارا في جزر سليمان (24-27 فبراير/شباط الجاري)، وفقًا لبيان تلقته منصة “غذاء ومناخ”.
وتقدم الفاو بانتظام معلومات حيوية عن حالة المخزونات السمكية العالمية منذ عدة عقود. وتُنشر هذه المعلومات التي يجري جمعها من خلال مؤشر حالة المخزونات كل عامين منذ عام 1971، في تقرير المنظمة الرائد “حالة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في العالم” منذ عام 1995.
ويكشف التحليل الصادر اليوم – أيضًا- أن الأسماك السطحية الصغيرة وأنواع الشعاب المرجانية الساحلية وأسماك القرش في جنوب شرق آسيا تواجه انخفاضات كبيرة بسبب الصيد الجائر وفقدان الموائل وضعف إنفاذ القانون. وتتفاقم هذه القضايا بسبب محدودية الوصول إلى البيانات الموثوقة التي تعيق تقييم المخزون وإدارته بشكل فعال. ويرى التحليل أن معالجة هذه الفجوات في البيانات أمر بالغ الأهمية لتعزيز جمع البيانات والحوكمة وممارسات الصيد المستدامة.
سمك التونة الصفراء في المحيط الهندي
وفقًا للبيانات التي جمعتها دراسة أجريت عام 2023، فإن المحيط الهندي هو ثاني أكبر منطقة منتجة للتونة على مستوى العالم، حيث تبلغ الكميات التي يجري اصطيادها سنويًا نحو 920 ألف طن متري، أو 21% من إمدادات التونة في العالم، بقيمة تقديرية تبلغ 2.3 مليار دولار. وتضم هذه الأسماك: التونة الصفراء، والتونة ذات العيون الكبيرة، والتونة الوثابة، والتونة البيضاء.

ورغم أن أسماك التونة الصفراء يشكل ما يقارب من ثلث صيد التونة العالمي، فقد أُعلن في المحيط الهندي صيدًا جائرًا على مدى السنوات التسع الماضية. وفي 2024، وصف العلماء المخزون بأنه “في حالة حرجة”. ومع ذلك، فشلت البلدان في التوصل إلى أي اتفاق للحد من صيد أسماك التونة الصفراء في الاجتماع الأخير الذي راقبته عن كثب لجنة سمك التونة في المحيط الهندي، وهي الهيئة الحكومية الدولية التي تنظم صيد أسماك التونة والأنواع الشبيهة بالتونة في المنطقة.
غير أن المندوبين أعلنوا أول تدابير إدارية لمصايد أسماك التونة الوثاب، وأسماك أبوسيف، واتخذوا خطوات للسيطرة على أجهزة تجميع الأسماك المثيرة للجدل، والتي تستخدمها إلى حد كبير سفن صيد الشباك الأوروبية، وتمثل أكبر أسطول لصيد أسماك التونة في المحيط الهندي، وهو ما رحبت به المفوضية الأوروبية.
كما رحبت جزر المالديف، التي يصطاد أسطولها بشكل أساسي التونة السكيب والزعانف الصفراء، بالنتيجة الإجمالية للاجتماع، وأشادت بـ “العمل الجاد” لوفود جنوب أفريقيا وإندونيسيا وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي وباكستان وموريشيوس وسيشل لاعتماد مقياس أجهزة تجميع الأسماك العائمة.
يُذكر أن الاجتماع السنوي انعقد في بانكوك من 13 إلى 17 مايو/أيار 2024 وشارك فيه مندوبون من 28 دولة تطل على المحيط الهندي أو لديها مصالح في صيد أسماك التونة هناك، والاتحاد الأوروبي، وفقًا لـ “مونغاباي“.
المنطقتان 71 و81 في المحيط الهادئ
أعلنت الفاو تفاصيل المنهجية المحدثة لمؤشر حالة المخزونات، وقدمت أيضًا نتائج من منطقتي الصيد 71 و81 التابعتين لها، واللتين تقعان في المحيط الهادئ. وستنشر النتائج الكاملة في وقت لاحق من هذا العام في تقرير عن حالة موارد مصايد الأسماك العالمية، وذلك خلال مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات في نيس بفرنسا.
والمنطقة 71، التي تقع غرب وسط المحيط الهادئ، تمثل صورة أكثر دقة، تكشف عن تحديات الاستدامة العاجلة. وتُعد منطقة غرب وسط المحيط الهادئ، موطنًا لأكبر عدد من الصيادين الحرفيين وصغار الصيادين على مستوى العالم، وواحدة من أكثر المناطق تعقيدًا لإدارة مصايد الأسماك. وتغطي المناطق الاقتصادية الخالصة لـ 23 دولة ومنطقة، وقد واجهت منذ مدة طويلة تحديات في جمع البيانات وتقييم المخزون.
وحتى عام 2021، قُيمت 43 مخزونًا فقط في هذه المنطقة؛ وبموجب المنهجية المحدثة، جرى دمج البيانات من 265 مخزونًا، ما يوفر صورة أكثر دقة وتمثيلاً.
وعلى الرغم من التحديات، أدت لجنة مصايد الأسماك في غرب ووسط المحيط الهائ دورًا حاسمًا في ضمان الإدارة المستدامة لمخزونات مختلفة من أنواع التونة الرئيسة، بما في ذلك أسماك التونة الوثاب، والتونة الصفراء، والتونة البيضاء، والتونة ذات العيون الكبيرة. وتقود هذه الأنواع صناعة التونة في المنطقة وتظل تُدار بشكل مستدام بفضل اللوائح القائمة على العلم، وحدود الصيد، وبرامج المراقبة. وتظل مصايد أسماك القرش في شمال أستراليا أيضًا من بين أفضل المصايد المدارة في المنطقة.
وعلى النقيض من صورة الاستدامة في المنطقة 71، تكشف مجموعة بيانات أكثر شمولاً وقوائم مخزون موسعة عن توقعات استدامة أقوى للمنطقة 81 في جنوب غرب المحيط الهادئ، والتي تشمل المناطق الاقتصادية الخالصة لنيوزيلندا وجزء من أستراليا (ولاية نيو ساوث ويلز)، إضافة إلى مناطق واسعة من أعالي البحار.
وتقدر المنهجية المحدثة أن 85.5% من المخزونات المقيمة يجري صيدها بشكل مستدام بيولوجيًا، وهو أعلى قليلاً من 75.9% في عام 2021، عندما كانت المنهجية القديمة قيد الاستخدام. ويعكس الارتفاع زيادة في عدد المخزونات المقيمة – 166 بدلاً من 29 تقييمًا مجمعًا للمخزون سابقًا.
وتُظهر المنطقة 81 تباينًا كبيرًا في حالة المخزون. ففي حين أن بعض المخزونات، مثل أسماك الرمان الأزرق وجراد البحر الصخري، مزدهرة، إلا أن البعض الآخر مثل أسماك الخشن البرتقالي وأسماك المارلن المخطط لا تزال تتعرض للصيد الجائر.

وأُغلقت بعض مصائد الأسماك، مثل محار الإسكالوب النيوزيلندي ومحار البيبى الوتدجي، بسبب انخفاض المخزونات. ومع استعادة مخزونات الأسماك وتحسن الإنتاجية بسبب قيود الصيد، فإن هذه المنطقة تضع معيارًا عالميًا لإدارة مصائد الأسماك المستدامة.