أزمات الغذاء تتزايد مع ارتفاع الحرارةأشجار متأثرة بارتفاع الحرارة - الصورة من الأمم المتحدة

غذاء ومناخ

يسهم ارتفاع الحرارة، أو ما يسمى بالاحتباس الحراري، في زيادة صعوبة ظواهر الطقس المتطرفة، والتي أدت إلى أعلى مستويات النزوح منذ 16 عامًا، وأيضًا في تفاقم أزمات الغذاء، وتسببت في خسائر اقتصادية فادحة. ووفقًا للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، فقد شهد عام 2024 وحده ما لا يقل عن 151 ظاهرة مناخية متطرفة “غير مسبوقة”.

وأفاد تقرير صادر اليوم الأربعاء 19 مارس/آذار 2025، واطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“، أن العام الماضي كان الأكثر حرارة على الإطلاق، وأن أعلى 10 سنوات حرارة كانت جميعها في العقد الماضي، وأن مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، التي تُسبب ارتفاع درجة حرارة الكوكب، بلغت أعلى مستوى لها منذ 800 ألف عام.

وفي تقريرها السنوي عن حالة المناخ، كشفت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، عن جميع مؤشرات ارتفاع درجة حرارة العالم بشكل متزايد، مع تسجيل المحيطات درجات حرارة قياسية، وارتفاع منسوب مياه البحار، وتراجع الأنهار الجليدية بسرعة قياسية.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش: “يُصدر كوكبنا المزيد من إشارات الاستغاثة”.

وأضاف أن التقرير يُشير إلى أن الهدف الدولي المتمثل في الحد من الاحترار إلى 1.5 درجة مئوية (2.8 فهرنهايت) منذ عصور ما قبل الصناعة لا يزال ممكنًا. وقال: “يجب على القادة أن يبذلوا جهودًا لتحقيق ذلك، مستغلين فوائد مصادر الطاقة المتجددة الرخيصة والنظيفة لشعوبهم واقتصاداتهم”.

وعزا التقرير ارتفاع درجة الحرارة إلى النشاط البشري – مثل حرق الفحم والنفط والغاز – وبدرجة أقل إلى ظاهرة النينيو المناخية الطبيعية.

وتشكلت ظاهرة النينيو في يونيو/حزيران 2023 وتبددت بعد عام، ما أدى إلى زيادة الحرارة ووأسهم في تحطيم الأرقام القياسية لدرجات الحرارة. وفي عام 2024، تجاوز العالم حد 1.5 درجة مئوية لأول مرة – ولكن لمدة عام واحد فقط. ويقيس العلماء خرق هدف المناخ ببقاء الأرض فوق هذا المستوى من الاحترار لمدة زمنية أطول.

طقس أكثر تطرفًا

أفاد تقرير منظمة الأرصاد الجوية العالمية، بأن الاحتباس الحراري العالمي يسهم في حدوث المزيد من الظواهر الجوية المتطرفة التي أدت إلى أعلى مستويات النزوح لمدة 16 عامًا، وفي تفاقم أزمات الغذاء وتسببت في خسائر اقتصادية فادحة.

وقالت الأمينة العامة للمنظمة سيليست ساولو: “إنها دعوة للاستيقاظ بأننا نزيد من المخاطر على حياتنا واقتصاداتنا وعلى كوكبنا”.

وتأتي تحذيرات التقرير في الوقت الذي أصدر فيه رئيس أميركا، دونالد ترامب، سلسلة من التراجعات عن التزاماته المناخية، وألقى بظلال من الشك على علم المناخ.

إنتاج الغذاء يتناقص بسبب ارتفاع الحرارة – الصورة من خان غلوبال ستديز

وتُعد الولايات المتحدة ثاني أكبر ملوث في العالم حاليًا وأكبر مصدر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري تاريخيًا. وأثار ذلك قلق البعض من أن دولًا أخرى ستضع أهدافًا أقل طموحًا.

صرحت بريندا إيكوورزيل، من اتحاد العلماء المعنيين، وهي منظمة أمريكية غير ربحية، قائلةً: “العلم لا يقبل الجدل. إن محاولات إخفاء علم المناخ عن العامة لن تمنعنا من الشعور بالآثار الوخيمة لتغير المناخ”.

كما حذرت الناشطة المناخية الأوغندية، فانيسا ناكاتي، من أنه “كلما تأخرنا في خفض الانبعاثات، ازداد الوضع سوءًا”.

وقالت: “التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري ليس خيارًا، بل هو استجابة طارئة لأزمة تتكشف أمام أعيننا”، وفقًا لوكالة أسوشيتد برس.

ويأتي هذا على الرغم من تحذير وزارة البيئة الأميركية (إي بي إيه) قبل نحو شهر من تآكل الأراضي الزراعية في البلاد بسبب تغير المناخ.

الزراعة وأزمات الغذاء

تُعدّ الزراعة مصدرًا لأكثر من 90% من الغذاء، ما يعني أن تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة يُسهمان في تفاقم أزمات الغذاء.

وقالت وزارة البيئة الأميركية، إن الولايات المتحدة تضم ما يقارب من مليوني مزرعة، ويُستخدم أكثر من نصف أراضيها في الإنتاج الزراعي. وقد انخفض عدد المزارع تدريجيًا منذ ثلاثينيات القرن الماضي، على الرغم من أن متوسط ​​حجم المزرعة ظل ثابتًا تقريبًا منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي. وترتبط العديد من الصناعات، مثل خدمات الطعام وتصنيع الأغذية، بالزراعة وتعتمد على المزارع.

وأضافت على الموقع الإلكتروني الخاص بها، أن الزراعة حساسة جدًا للطقس والمناخ. كما أنها تعتمد بشكل كبير على الأرض والمياه والموارد الطبيعية الأخرى التي يؤثر فيها المناخ. في حين أن التغيرات المناخية (مثل تغيرات درجة الحرارة وهطول الأمطار وتوقيت الصقيع) قد تُطيل موسم النمو أو تسمح بزراعة محاصيل مختلفة في بعض المناطق، إلا أنها ستُصعّب أيضًا الممارسات الزراعية في مناطق أخرى.

مزارع نيجيري يقف وسط حقل ذرة جاف بسبب الحرارة – الصورة من مونغابي

وستعتمد آثار تغير المناخ في الزراعة على معدل وشدة التغير، إضافة إلى مدى قدرة المزارعين ومربي الماشية على التكيف. لدى الزراعة الأميركية العديد من الممارسات المُطبقة للتكيف مع تغير المناخ، بما في ذلك تناوب المحاصيل والإدارة المتكاملة للآفات. كما يُجرى حاليًا قدر كبير من الأبحاث للمساعدة في الاستعداد لتغير المناخ.