غذاء ومناخ
تفاقم انتشار الجوع وسوء التغذية والفقر عالميًا بسبب فقدان التنوع البيولوجي وتغير المناخ وتدهور الأراضي والنزاعات، لذلك تبرز الحاجة الملحة لوقف خسارة الموارد الوراثية التي تدعم نظم الأغذية الزراعية.
ويؤكد تقريران نُشرا هذا الأسبوع برعاية هيئة الموارد الوراثية للأغذية والزراعة، التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة، وفقًا لبيان تلقته منصة “غذاء ومناخ“، اليوم الأربعاء 26 مارس/آذار 2025.
ويكشف التقرير الثالث عن حالة الموارد الوراثية النباتية للأغذية والزراعة في العالم، الصادر مطلع الأسبوع، والتقرير الثاني عن حالة الموارد الوراثية الحرجية في العالم، الصادر اليوم، عن اتجاهات مثيرة للقلق في التنوع النباتي والغاباتي العالمي.
على سبيل المثال، لم تعد أكثر من 40% من جميع الأنواع التي شملها المسح موجودة في منطقة واحدة على الأقل من المناطق التي كانت تُزرع فيها سابقًا أو موجودة فيها طبيعيًا، في حين أن نحو ثلث أنواع الأشجار مهددة بالانقراض.
حالة الموارد الوراثية النباتية للأغذية والزراعة في العالم
يشير مصطلح “الموارد الوراثية النباتية” إلى أي مادة وراثية من أصل نباتي ذات قيمة فعلية أو محتملة للأغذية والزراعة، بما في ذلك المواد المستمدة من الأنواع المستأنسة والبرية. ويمكن استخدام هذه الموارد في الأغذية، وأعلاف الحيوانات، والمنتجات غير الغذائية مثل الأدوية، والوقود، والألياف، والملابس، ونباتات الزينة.
ولا يقتصر دعم التنوع الوراثي في الزراعة على حماية الأنواع والأصناف، بل يحفظ أيضًا الممارسات والثقافات التقليدية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك ممارسات الشعوب الأصلية، والمنتجين الزراعيين الصغار، والمجتمعات المحلية. فهؤلاء هم القائمون على جزء كبير من الموارد الوراثية والتنوع البيولوجي في العالم.
ويُسلط التقرير الثالث، الذي يستند أساسًا إلى معلومات مقدمة من 128 دولة وعدد من مراكز البحوث الدولية، الضوء على الخسائر في التنوع النباتي والثغرات المقلقة في البيانات.
يُقدّم التقرير بعض الأخبار الجيدة. فعلى سبيل المثال، منذ عام 2009، سُجّلت زيادة بنسبة 8% في حفظ البذور أو غيرها من المواد النباتية في “مجموعات البلازما الجرثومية”، ما يُساعد على ضمان توافر الموارد الوراثية اللازمة لبرامج التربية المستقبلية.

كما ارتفعت قيمة سوق البذور العالمية من 36 مليار دولار عام 2007 إلى أكثر من 50 مليار دولار عام 2020، حيث أفادت 40 دولة (أكثر من ثلثيها من البلدان النامية) عن تحسينات في أنظمة البذور لديها، مما يُسهّل على المزارعين تبني أصناف المحاصيل المناسبة.
في حين تحسّنت القدرات البشرية والمؤسسية العالمية، على سبيل المثال في مجال تطبيق التقنيات الحيوية المُحسّنة للكفاءة على نطاق أوسع في استخدام الموارد الوراثية النباتية وحفظها، إلا أن التقدم كان متفاوتًا.
الموارد الوراثية للأشجار
يُقيّم التقرير الثاني عن حالة الموارد الوراثية الحرجية في العالم حفظ الموارد الوراثية للأشجار والنباتات الخشبية الأخرى واستخدامها المستدام وتنميتها. ويخلص التقرير إلى أن توافر المعلومات المتعلقة بالموارد الوراثية الحرجية قد ازداد، إلا أنه لا يزال غير كافٍ، مما يعيق الجهود المبذولة لتحسين إدارتها.
وقد أدت تقييمات التصنيف والتهديدات التي أُجريت على مدى العقد الماضي إلى زيادة توافر المعلومات المتعلقة بالأشجار وأنواع النباتات الخشبية الأخرى. ومع ذلك، لا تزال معظم هذه الأنواع غير مدروسة بشكل كافٍ.
وهناك نحو 58 ألف نوع من الأشجار حول العالم، و1,6 ألف نوع من الخيزران الخشبي، و500 نوع من الروطان (النخيل المتسلق). كما أن هناك أنواع الأشجار المهددة بالانقراض، والتي تُمثل نحو 30% من إجمالي الأنواع، في جميع أنحاء العالم، ولكن معظمها يقع في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية.
وخلص التقرير إلى أن ما يقارب من ثلثي البلدان تحتفظ بقوائم جرد وطنية للموارد الوراثية الحرجية، وتجمع المعلومات من مختلف الجهات المعنية. على الصعيد العالمي، أفادت الدول بوجود أكثر من 2800 نوع من الأشجار والنباتات الخشبية الأخرى، منها ما يقارب من 1800 نوع وُصفت وراثيًا. ويُدرج ما يقارب من 1400 نوع و1100 نوع في برامج الحفظ داخل الموقع وخارجه، على التوالي.

على الصعيد العالمي، تُهدد إزالة الغابات، وتدهورها، وتغير المناخ، والحرائق، والآفات، والأمراض، والأنواع الغازية العديد من الأشجار والنباتات الخشبية الأخرى، وتُضعف تنوعها الجيني. وقد وجد التقرير أن أنواع الأشجار الشائعة والمنتشرة على نطاق واسع تحتفظ بالكثير من تنوعها الجيني، بينما فقدت الأنواع النادرة والمهددة بالانقراض كميات كبيرة منها.
لدى أكثر من ثلثي الدول برامج وطنية لبذور الأشجار، إلا أن العديد منها يعاني من نقص في البذور ومواد التكاثر الأخرى. ويُشكل هذا تحديات أمام إنشاء غابات جديدة وتحقيق هدف زيادة مساحة الغابات العالمية بنسبة 3% بحلول عام 2030.