خفض استخدام المضادات الحيوية في الماشية إلى النصف ممكن.. دراسة حديثة تقول
من خلال تحسين صحة الحيوان وممارسات الإدارة وكفاءة الإنتاج

غذاء ومناخ

وجدت دراسة حديثة أن تحسين الإنتاجية بعدة وسائل أمر رئيس لخفض استخدام المضادات الحيوية في الماشية على المستوى العالمي إلى النصف تقريبًا.

وتُسلّط الدراسة، التي أجرتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) وشركاؤها البحثيون، الضوء على أن تحسين إنتاجية الماشية أمرٌ أساسي لتحقيق انخفاض كبير في استخدام المضادات الحيوية عالميًا، وفق البيان الذي تلقته منصة “غذاء ومناخ” اليوم الثلاثاء 1 أبريل/نيسان 2025.

ومن المتوقع أن يرتفع استخدام المضادات الحيوية في تربية الماشية دون تدخلات مُوجّهة. ومع ذلك، وجد البحث الجديد، المنشور في مجلة “نيتشر كوميونيكيشنز“، أن المكاسب الاستراتيجية في الإنتاجية في أنظمة تربية الماشية قد تُخفّض استخدام المضادات الحيوية.

وتتوقع هذه الدراسة كميات استخدام المضادات الحيوية في تربية الماشية عالميًا حتى عام 2040 في ظل سيناريوهات مُختلفة.

ويُشير هذا العمل إلى أنه في ظل سيناريو بقاء الأمور على حالها، قد يصل استخدام المضادات الحيوية في تربية الماشية عالميًا إلى 143.48 ألف طن بحلول عام 2040، وهو ما يُمثّل زيادة بنسبة 29.5% عن خط الأساس لعام 2019 البالغ 110.78 طنًا.

السيناريوهات البديلة

تشير السيناريوهات البديلة، في دراسة (الفاو) وشركاؤها، إلى أن توقعات استخدام المضادات الحيوية في الماشية عالميًا قد تختلف بنسبة تتراوح بين +14.2% و-56.8%، وذلك تبعًا للتغيرات في الكتلة الحيوية للماشية، وكثافة استخدام المضادات الحيوية.

ومن أهم إسهامات هذا البحث تطوير طريقة تحويل الكتلة الحيوية للماشية، وهي مؤشر جديد يُحسّن دقة تقدير الكتلة الحيوية للماشية. ولهذه النتائج آثار سياسية مهمة، إذ تُبرز أن تحقيق انخفاضات ملموسة في كمية استخدام المضادات الحيوية لا يمكن تحقيقه إلا من خلال جهود منسقة تستهدف كلاً من كثافة استخدام المضادات الحيوية والكتلة الحيوية للماشية.

وتتوقع الدراسة أنه في ظل سيناريو بقاء الوضع على حاله، قد يرتفع استخدام المضادات الحيوية بنسبة 30% تقريبًا عن عام 2019.

ومع ذلك، تشير السيناريوهات البديلة إلى إمكانية خفض استخدام المضادات الحيوية بنسبة تصل إلى 57% إذا تحسنت إنتاجية الماشية؛ من خلال تحسين صحة الحيوان، وممارسات الإدارة، وكفاءة الإنتاج، حيث يمكن خفض استخدام المضادات الحيوية إلى نحو 62 ألف طن بحلول عام 2040، ما يُظهر إمكانات التدخلات المُستهدفة في تحقيق أهداف التخفيض العالمية.

وقال خبير منظمة (الفاو) الاقتصادي في مجال الثروة الحيوانية والمؤلف الرئيس للدراسة، ألجاندرو أكوستا: “إنّ تعزيز كفاءة الإنتاج الحيواني أمر رئيس للحد من استخدام المضادات الحيوية في الماشية. ومن خلال إنتاج المزيد من الأغذية الحيوانية المصدر بعدد الحيوانات نفسه، أو أقلّ، يمكننا التقليل من الحاجة إلى استخدام المضادات الحيوية في تربية الحيوانات، بالتوازي مع تعزيز الأمن الغذائي العالمي”.

وتؤكد هذه الرسالة الالتزامات العالمية بمكافحة مقاومة مضادات الميكروبات.

وصادقت حكومات العالم على إعلان الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة العام الماضي، الذي التزمت فيه بخفض كبير في الكمية العالمية لاستخدام مضادات الميكروبات في نظام الأغذية الزراعية بحلول عام 2030.

كما تعهدت 47 دولة بخفض استخدام مضادات الميكروبات في أنظمة الأغذية الزراعية بنسبة 30-50% بحلول عام 2030، كما هو موضح في بيان مسقط. ويطرح تحقيق هذا الهدف الطموح تحديات كبيرة، لا سيما في المناطق التي يُتوقع أن تزداد فيها الكتلة الحيوية للثروة الحيوانية مدفوعًا بالنمو السكاني وارتفاع الدخل.

صياغة تدابير لخفض استخدام المضادات الحيوية في الماشية

يُعد فهم السيناريوهات المختلفة التي يُمكن من خلالها تحقيق خفض استخدام المضادات الحيوية في الماشية أمرًا بالغ الأهمية لصياغة تدابير سياساتية فعّالة وتوجيه الجهود العالمية.

وأضافت كبيرة مسؤولي صحة الحيوان في المنظمة والمؤلفة المشاركة في الدراسة، جونكسيا سونغ: “يتعيّن على أصحاب المصلحة في قطاع الثروة الحيوانية العمل معًا من أجل تحسين الوقاية من الأمراض وتعزيز نظم الرصد والاستثمار في الابتكارات التي تعزّز صحة الحيوان، إضافة إلى تقليل الاعتماد على المضادات الحيوية”.

وأطلقت المنظمة مؤخرًا، في معرض دعمها لهذه الجهود، مبادرة (رينوفارم)، وهي “الحد من الحاجة إلى مضادات الميكروبات في المزارع من أجل تحقيق التحوّل المستدام للنظم الزراعية والغذائية”، ويقدّم هذا البرنامج توجيهات في مجال السياسات، والمساعدة الفنية، وبناء القدرات، من أجل مساعدة البلدان على الحد من استخدام المضادات الحيوية، بالتوازي مع تعزيز التحوّل المستدام للثروة الحيوانية.

وقال المدير العام المساعد ومدير شعبة الإنتاج الحيواني وصحة الحيوان في المنظمة، ثانشوات تينسين: “تلتزم المنظمة بتحويل النظم الزراعية والغذائية من خلال الحد من الحاجة إلى استخدام مضادات الميكروبات، على نحو ما تقوم به مبادرة رينوفارم، وبالتالي تعزيز الممارسات المستدامة وحماية الصحة العامة”.

وتتمثل إحدى المساهمات الرئيسة للدراسة في اعتماد أسلوب تحويل الكتلة الحيوية الحيوانية (إل بي سي)، الذي يحسّن الدقة في تقدير الكتلة الحيوية الحيوانية عبر مختلف الأنواع ونظم الإنتاج وممارسات الإدارة. وهذا يسمح بإجراء تقدير أكثر دقة لكثافة استخدام المضادات الحيوية، ممّا يمكّن صانعي السياسات وأصحاب المصلحة من وضع استراتيجيات أكثر فعالية لتحسين الإنتاج الحيواني والتقليل من الاعتماد على المضادات الحيوية.