غذاء ومناخ
في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ارتفعت أسعار البيض في أميركا بنسبة 8.2% على مستوى البلاد، مسجلة واحدة من أعلى الزيادات الشهرية في العقدين الماضيين، وفقًا لبيانات مؤشر أسعار المستهلك الصادرة الأسبوع الماضي.
ولم يقتصر الأمر على أسعار البيض في أميركا، فقد شهد المستهلكون قفزات في أسعار لحوم البقر والبن والمشروبات غير الكحولية، ما دفع أسعار البقالة إلى أكبر مكسب شهري لها منذ يناير/كانون الثاني 2023.
ويبدو أن المزيد من الارتفاعات قادمة في أسعار البيض في الجملة، حيث صعدت 55% الشهر الماضي، وارتفعت أسعار المواد الغذائية بالجملة بنسبة 3.1% (أعلى زيادة شهرية لها في عامين)، وفقًا لتقرير اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“.
أسعار البيض في أميركا
يقول خبراء الاقتصاد إنه لا داعي للذعر، لأن تضخم أسعار البيض والارتفاع المفاجئ في أسعار بعض فئات الأغذية الرئيسة؛ هي انعكاسات لحوادث معزولة وليس شيئًا منهجيًا ومؤشرًا على تسارع التضخم مرة أخرى، لكن هذا لا يجعل الأمر أسهل على الأميركيين الذين أنهكتهم سنوات من ارتفاع الأسعار بشكل أسرع بكثير مما يفعلون عادة.
وقال كبير خبراء الاقتصاد في “إي بارثنون”، جريجوري داكو: “إن التضخم في أسعار البقالة عامة معتدل نسبيًا؛ فهو يتماشى أساسًا مع ما كان عليه قبل الوباء.. لا شيء مثير للقلق، لكن الأسعار بالنسبة لما كانت عليه قبل الوباء تظل مرتفعة للغاية”.
وحتى قبل أن تصبح “التضخم” كلمة مألوفة، كانت أسعار المواد الغذائية لمدة طويلة عرضة للتقلبات نتيجة للأحداث الجوية، أو غلة المحاصيل، أو المرض، أو الحرب، أو تعطل سلسلة التوريد، أو ارتفاع الطلب أو الاضطرابات المؤقتة الأخرى.
وهذا ما يحدث الآن مع البيض، إضافة إلى لحوم البقر والبن وعصير البرتقال.
وعلى سبيل المثال، يتسبب تفشي إنفلونزا الطيور في تدمير أسراب الدجاج في جميع أنحاء البلاد، ما يقلل من العرض في البيض في وقت احتفالات أميركية، حيث يخبز الأميركيون ويطهون ويتناولون الطعام في الخارج أكثر.
وفي ديسمبر/كانون الأول الجاري، خفضت وزارة الزراعة الأميركية تقديرات إمدادات البيض، ورفعت توقعات الأسعار لعام 2025.
ويحكي صاحب مقهى بروكسايد التابع لفيدلاك في أوماها بولاية نبراسكا، والذي يقدم وجبات الإفطار والغداء منذ 28 عامًا، لكنه يتعرض للضغط بسبب ارتفاع تكاليف المكونات الأساسية، روجر فيدلاك، عن محاولاته لعدم تمرير هذه التكاليف إلى العملاء.
وقال إنه في الآونة الأخيرة، أصبحت أسعار البيض باهظة، “فقبل 6 أشهر، كان بإمكانك الحصول على صندوق منها مقابل 18 إلى 20 دولارًا. والآن يصل سعرها إلى 75 دولارًا”.
ولجأ فيدلاك إلى شراء البيض بدون عبوات (أقفاص)، والذي تأثر بشكل أقل بأنفلونزا الطيور وهو أرخص بكثير.
قصة عصير البرتقال
تناقص عدد رؤس الماشية في الولايات المتحدة، وبلغ أدنى مستوى له منذ أكثر من 70 عامًا. ومن المتوقع أن يستمر الانكماش حتى عام 2025 مع استمرار ظروف الطقس الجاف، وفقًا لاتحاد المزارعين الأميركيين.
وأشار تقرير صادر عن بنك “كوبنك” الذي يتعامل مع الشركات الزراعية، الأسبوع الماضي، إلى أنه من غير المتوقع أن يبدأ توسع قطعان الأبقار مجددًا حتى عام 2026 أو 2027.
وتحكي العصائر المجمدة غير الغازية القصة الأكثر قتامة لفئة المشروبات التي ضربتها الأعاصير وسوء الأحوال الجوية ومرض الحمضيات، وفق تقرير لـ “سي إن إن“.
وقد يبدو المستقبل أكثر قتامة بالنسبة لعصير البرتقال حيث شهدت البرازيل – التي تزود نحو 30% من واردات عصير البرتقال في أمريكا – أسوأ حصاد لها منذ عقود بسبب الفيضانات والجفاف ومرض اخضرار الحمضيات.
وعلى الرغم من أن أجزاء من صناعة الأغذية تشهد زيادات في التكاليف لأسباب محددة، إلا أن ارتفاع الأسعار ضرب بشكل مختلف هذه الأيام – خاصة عندما يحدث في وقت واحد.
وخلال الشهر الماضي، ارتفعت أسعار البقالة بنسبة 1.6% عن العام السابق، وفقًا لأحدث تقرير لمؤشر أسعار المستهلك.
ويعد معدل التضخم السنوي لأسعار البقالة هو الأعلى منذ هذا الوقت من العام الماضي؛ ومع ذلك، فهو بعيد كل البعد عن عام 2022 عندما بلغ متوسطه 11.4% وبلغ ذروته عند 13.5% – وهو أعلى بكثير من ذروة التضخم الإجمالي البالغة 9.1%..
وأدت هذه الوتيرة المتسارعة إلى ارتفاع أسعار البقالة بنسبة 27% الآن، عما كانت عليه في فبراير/شباط 2020، قبل ظهور الوباء في الولايات المتحدة.
وكانت بعض الفئات أسوأ بكثير من غيرها خلال تلك المدة الزمنية، حيث ارتفعت أسعار البيض بنسبة 81% في السنوات الأربع الماضية، والسمن بنسبة 55%، ولحم البقر والعجل بنسبة 37%؛ والعصائر بنسبة 32%.
وقال الفائز بانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترمب، الأسبوع الماضي، إنه يأمل في خفض أسعار البقالة من خلال التنقيب عن المزيد من النفط محليًا، ما قد يؤدي بدوره إلى خفض أسعار الغاز وتكاليف النقل.
في حين يرد خبراء الاقتصاد وصناعة الأغذية، بأن الأمر ليس بهذه السهولة. لقد وسع مصنعو الأغذية من بصمتهم في جميع أنحاء البلاد لتقليص الأميال، وكان الكثير من الزيادة في تكاليف النقل بسبب نقص السائقين.