غذاء ومناخ
بسبب أنشطتهم السابقة في إنتاج السجائر، اعتمدت بعض شركات الغذاء الكبرى أساليب تدفع الأطفال إلى إدمان الأطعمة فائقة المعالجة، ما أدى مؤخرًا إلى مقاضاة مراهق أميركي لـ 11 من هؤلاء، التي تتصدر قائمة الكيانات الكبيرة في السوق العالمية، وفقًا لتقارير اطلعت عليها منصة “غذاء ومناخ“.
اتهم برايس مارتينيز البالغ من العمر 18 عامًا من ولاية بنسلفانيا، والذي شُخصت إصابته بمرض السكري من النوع الثاني، ومرض الكبد الدهني في سن 16 عامًا؛ بعد تناول أطعمة فائقة المعالجة طوال طفولته، 11 مصنعًا غذائيًا بتهمة هندسة الأطعمة لتصبح مسببة للإدمان، وفقًا لصحيفة فيلادلفيا إنكوايرر.
ورفع مارتينيز هذه الدعوى الأولى من نوعها، مدعيًا أنه من خلال تسويق هذه الأطعمة للأطفال، فقد أسهموا في إصابتهم بأمراض مزمنة.
وتشير الوثيقة المكونة من 148 صفحة، المقدمة إلى محكمة الجنح في مقاطعة فيلادلفيا، إلى أن مارتينيز تم تشخيصه بتلك الأمراض بعد تناول أطعمة فائقة المعالجة بكميات وصلت إلى “مستويات ضارة” من إنتاج هذه الشركات. وتزعم الدعوى القضائية أن هذه الحالات “لم تكن موجودة لدى الأطفال” قبل انتشار هذه المنتجات.
وتشمل الشركات: كوكاكولا، ونستله، وكرافت هاينز، ومونديليز إنترناشيونال، ومارس، وكيلانوفا، وبيبسي كولا، وكوناجرا، ودبليو كي كيلوج كو، وبوست هولدينجز، وجنرال ميلز.
من السجائر إلى الأطعمة فائقة المعالجة
يزعم المحامون أن الأطعمة فائقة المعالجة تسببت في أمراض مزمنة ستتفاقم وسيعاني منها مارتينيز لبقية حياته. وتنص الشكوى على أنه “على الرغم من أن مثل هذه الأمراض لم تكن معروفة لدى الأطفال قبل 40 عامًا، إلا أنها أصبحت شائعة الآن، ويشكل علاجها جزءًا كبيرًا من النشاط الطبي الخاص بالأطفال”.
وتوضح الشكوى بالتفصيل الاستراتيجيات المدروسة التي اتخذتها شركات الأغذية لاستهداف الأطفال المصابين بأصناف الأطعمة فائقة المعالجة، من المذكرات الداخلية والاجتماعات الاستراتيجية إلى الأبحاث المكثفة التي يُزعم أنها استغلت “بيولوجيتنا وعلم الأعصاب لإنشاء مواد مسببة للإدمان”.
وهذه تكتيكات مستمدة مباشرة من دليل شركات التبغ الكبرى، حيث استولت شركات مثل فيليب موريس وآر جيه رينولدز على قطاع الغذاء منذ ثمانينيات القرن العشرين من خلال الاستحواذ على شركات أصبحت الآن كرافت هاينز ومونديليز.
وتنص الدعوى القضائية على أنه “خلال هذا الوقت، استخدموا دليل السجائر الخاص بهم لملء بيئة طعامنا بمواد مسببة للإدمان يجري تسويقها بقوة للأطفال”.
وأضافت وثائق الدعوى: “وُجهت استراتيجيات صياغة الأطعمة فائقة المعالجة من قبل العلماء أنفسهم في شركة التبغ، واعتمادًا على هذا النوع من أبحاث الدماغ حول الإدراكات الحسية وعلم النفس الفسيولوجي والحواس الكيميائية التي جرى استخدامها لزيادة إدمان السجائر”.
وواصلت الدعوى القضائية في رصد أسبابها قائلة: “بهذا، صممت شركات التبغ الكبرى الأطعمة فائقة المعالجة عمدًا لاختراق الهياكل الفسيولوجية لأدمغتنا. تم تبني استراتيجيات الصياغة هذه بسرعة في جميع أجزاء صناعة تلك المنتجات بهدف دفع الاستهلاك وأرباح المدعى عليهم بأي ثمن”، حسبما ذكر موقع “غرين كوين”.
يُذكر أنه في عام 2021، اضطرت شركة فيليب موريس إلى دفع 3 مليارات دولار كتعويضات لرجل من كاليفورنيا مصاب بسرطان الرئة.
ما هي الأطعمة فائقة المعالجة؟
أوضح الطبيب مارك سيجل في برنامج “أميركا ريبورتس” أن الأطعمة فائقة المعالجة “تشمل المستحلبات والمواد الحافظة والألوان، وهي أشياء تجعل الناس يأكلون المزيد منها – حتى إذا كانت سعرات حرارية فارغة، وشراب الذرة عالي الفركتوز، والملح والسكر، وهي أشياء سيئة جدًا بالنسبة لك”، وفقًا لـ “إيه بي سي” نيوز.
وأوضح الخبير الطبي أن هذه الأطعمة منتشرة على أرفف المتاجر الكبرى في جميع أنحاء البلاد.
وقال لشبكة فوكس نيوز: “يتعين علينا أن نتوصل إلى طريقة لإخراج الأطعمة الصحية هناك بدلاً من ذلك”. “أعلم أنها أكثر تكلفة، ولكن ربما يكون هذا هو مصدر المكملات الغذائية والأموال اللازمة لإصلاح وجبات الغداء المدرسية، حتى لا يكون لديك بديل. الناس يأكلون. الأطفال يأكلون في المدرسة، ولكن قد يجدون البطاطس المقلية أشهى فيذهبون إليها، أو شيء ملون للغاية. عندما تكون صغيرًا جدًا، تذهب إلى منتجات جذابة مثل تلك التي يُضاف إليها ألوان صناعية.. غير صحي للغاية”.
وأوضح الطبيب أن الأدلة تشير إلى أن هذه الأطعمة تؤدي -أيضًا- إلى اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط وزيادة الوزن.
وقال: “إنها رحلة طويلة للقيام بذلك، ولكن يجب أن نبدأ في سن مبكرة جدًا مع الأطفال.. الآن يعاني أكثر من 40% من البالغين من السمنة، وأكثر من 20% من الأطفال يعانون المرض نفسه، وهذا يعني ضرورة البدء في السير على جهاز المشي”.