غذاء ومناخ
شعر المزارعون الأميركيون في جميع أنحاء البلاد وبورصة فلوريدا بسعادة بالغة: بإعلان وزارة التجارة الأميركية في إدارة الرئيس دونالد ترمب، فرض تعرفات جمركية على الطماطم المكسيكية، وإنهاء اتفاقية تعليق استيراد الطماطم بين البلدين لعام 2019.
وستفرض تعرفة جمركية بنسبة 20.91% على معظم الطماطم الطازجة المستوردة من المكسيك، بدءًا من 14 يوليو/تموز 2025.
ومنذ عام 1996، خضعت صادرات الطماطم المكسيكية إلى الولايات المتحدة لاتفاقية التعليق، وهي آلية وضعت حدًا للتحقيق في مزاعم الإغراق – وهي ممارسة بيع المنتجات بأقل من تكلفتها الفعلية لكسب حصة سوقية.
وجُدّدت الاتفاقية 5 مرات، كان آخرها في عام 2019، عندما علّقت إدارة ترمب الأولى المعاهدة مؤقتًا، حتى وافق المنتجون المكسيكيون على حد أدنى لسعر الرطل من الطماطم، إضافة إلى تشديد عمليات التفتيش.
ومع ذلك، لطالما ادّعى منتجو الطماطم في فلوريدا أن المزارعين المكسيكيين يواصلون الممارسات غير العادلة.
إلا أن وزير الزراعة والتنمية الريفية المكسيكي، خوليو بيرديغي ساكريستان، قال: “في رأينا، لم يُثبت ذلك قط، ولا يُمكن إثباته”، وفقًا لتقرير اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“.
صادرات الطماطم المكسيكية
لن تقتصر عواقب التعرفات الجمركية على الطماطم المكسيكية، على المكسيك فحسب، بل ستتأثر السوق الأميركية، خاصة في السعر النهائي الذي يدفعه المستهلكون.
وكان خوليو بيرديغي واضحًا: “ستكون طماطمهم أغلى، وسترتفع أسعار سلطاتهم. لا يمكنهم استبدالنا، لأنه لا توجد دول أخرى كثيرة تنتج هذه الكمية من الطماطم الممتازة بهذا السعر المناسب. إذا لم يرغبوا في الشراء منا، فسيدفعون ببساطة 21% زيادة.”

ووفق بيانات رسمية، فإن 90% من الطماطم التي تستوردها أميركا تأتي من المكسيك، و6 من كل 10 حبات طماطم مستهلكة في الولايات المتحدة تُزرع في المكسيك. سيؤثر رفع السعر بأكثر من 20% بشكل مباشر في تكلفة المعيشة لملايين العائلات والمطاعم.
في عام 2024، صدّرت المكسيك 1.88 مليون طن متري من الطماطم، بقيمة 3.339 مليار دولار، وفقًا لمجموعة استشارات الأسواق الزراعية (جكما) من هذا الإجمالي، كان 98% مخصصًا للسوق الأميركية.
وكان من المتوقع أن تصل الصادرات إلى 1.91 مليون طن بحلول عام 2025، مع أن هذا التقدير قد يتغير بشكل كبير في حال تطبيق التعرفة الجمركية الجديدة.
وتتمتع الطماطم بمكانة استراتيجية في الاقتصاد الزراعي المكسيكي: فهي ثالث أهم منتج زراعي تصديري في البلاد، بعد البيرة والأفوكادو. وتُوفر سلسلة القيمة الخاصة بها أكثر من 400 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، وفقًا للبيانات الرسمية.
وقالت رئيسة المكسيك، كلوديا شينباوم، إنها ستسعى إلى حوار دبلوماسي لحل النزاع، مؤكدةً أن تحقيقات الإغراق ليست جديدة ولا فريدة من نوعها في هذا القطاع. وذكّر وزير الزراعة المكسيكي بأن بلاده تجري أيضًا تحقيقات نشطة لمكافحة الإغراق ضد منتجات مثل الدجاج الأميركي.
طماطم فلوريدا
صرح نائب الرئيس التنفيذي لبورصة طماطم فلوريدا، روبرت غونتر، في بيان صحفي صدر مؤخرًا: “يُعد هذا انتصارًا كبيرًا للزراعة الأميركية. لعقود من الزمن، عانى مزارعو الطماطم الأميركيون من ممارسات تجارية غير عادلة من قِبل مُصدّري الطماطم المكسيكية. إن إنهاء هذه الاتفاقية وتطبيق قوانين التجارة الأميركية هو السبيل الوحيد لمنح المزارعين المحليين أخيرًا الإعفاء الذي يستحقونه منذ زمن طويل. نشكر الإدارة على دعمها القوي للمزارعين الأميركيين وسيادة القانون في مواجهة ممارسات التجارة الخارجية غير العادلة.”
يأتي قرار الوزارة استجابةً لعريضة قُدّمت عام 2023 من قِبل قطاع الطماطم الأميركي، والتي حظيت بدعم أكثر من 60 عضوًا من الحزبين في الكونغرس من 11 ولاية، واتحاد مكاتب المزارعين الأميركية، ومكاتب مزارع الولايات من جميع الولايات التسع الرئيسة المنتجة للطماطم، و15 جمعية لتجارة الفاكهة والخضراوات في جميع أنحاء البلاد.
وعلى الرغم من خمس اتفاقيات تعليق منذ عام 1996، واصلت شركات الطماطم المكسيكية إغراق السوق الأميركية بمنتجاتها، مما أدى إلى تقويض المزارعين الأميركيين والتحايل على آليات الإنفاذ.
ومنذ الاتفاقية الأولى، ارتفعت واردات الطماطم المكسيكية بنسبة تقارب 400%، مستحوذةً على أكثر من 70% من السوق الأميركية. وخلال المدة نفسها، انخفضت حصة الصناعة الأميركية في السوق من 80% إلى 30%.

وفي عام 2019، وجدت وزارة التجارة الأميركية أن الطماطم المكسيكية تُغرق السوق المحلية بهوامش ربح عالية، وأكدت لجنة التجارة الدولية بالإجماع التأثير الضار المادي لهذا الإغراق في صناعة الطماطم الأميركية. ويعزز هذا القرار هذه النتائج ويسعى إلى استعادة المنافسة العادلة في السوق.
وقال غونتر: “لقد خذلت اتفاقية تعليق استيراد الطماطم المزارعين الأميركيين. لقد كان من المستحيل تطبيقها وكان من السهل التهرب منها. يُنهي هذا الإجراء أخيرًا حلقة الضرر التي أهلكت صناعة الطماطم الأميركية على مدى ما يقارب من 3 عقود”، وفق موقع “بلو بوك“.