غذاء ومناخ
نجحت منظمة غير ربحية في ولاية سان فرانسيسكو الأميركية في جمع سلع البقالة من محلات السوبر ماركت، التي كان يتجه اصحابها لإلقائها في مكب النفايات، بسبب قرب انتهاء مدة صلاحيتها، وتسليمها إلى منظمة غير ربحية أخرى تساعد الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة “الإيدز”، وبعض الإعاقات الأخرى.
وسلم المدير التنفيذي لمنظمة تُسمى “إكسترا فوود” Extra Food، ديتمار، المنتجات واللحوم والمخبوزات، التي أنقذها، زنة 300 كيلوغرام إلى “مجتمع ديريك سيلفا”، حيث تم ملء البطون بها بدلًا من مكب النفايات، وفق تقرير اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“.
وعلق المقيم الذي يدعى فيسينتي ماسياس، وكان مصابًا بفيروس نقص المناعة منذ عام 1989، وهو أحد الناجين القلائل من مجموعته المكونة من 30 صديقًا، ودخله الوحيد هو 1300 دولار شهريًا من الضمان الاجتماعي، قائلًا: ” كان الطعام بمثابة هبة من السماء.. في السوبر ماركت، مثل هذه الأشياء باهظة الثمن للغاية. لذلك، بالنسبة لي هذا يُعد شيئًا عظيمًا”، وفق موقع “سي بي إس“.
ويجري إهدار ثلث إمدادات الغذاء في الولايات المتحدة، ولا يتعلق الأمر بفقد الأطعمة فقط، ولكن تعفنها في مكبات النفايات، يزيد انبعاثات غاز الميثان الأخطر بين غازات الدفيئة المسببة لتغير المناخ.
لذلك أصدرت ولاية كاليفورنيا قانونًا يلزم كل محلات السوبر ماركت التبرع بالطعام الذي لا يزال صالحًا للتناول، بدلاً من التخلص منه، بهدف إنقاذ الأغذية التي لا تزال صالحة للتناول، ولكنها تجاوزت تاريخ انتهاء الصلاحية، وفق ديتمار، الذي أشار إلى أن كثير من الشركات لا زالت تتلكأ في تطبيق هذا القانون.
وفي حين يرى ديتمار أنه يجب أن يكون هناك إنفاذ فعال للقانون، قالت منسقة النفايات الصفرية في إدارة البيئة في سان فرانسيسكو، أليكسا كيلتي، إن المدينة تمنح الشركات مهلة حتى نهاية العام للامتثال للقانون.
وأوضحت: “لا تريد التسرع لأن ما ستنتهي إليه هو منظمات تتلقى طعامًا قد لا يكون طازجًا كما نرغب أن يكون”.
وتحصل منظمات تعمل في إنقاذ الطعام من نكبات النفايات مثل تلك التي يرأسها ديتمار، على دعم من وكالة الولاية “كال ريسيكل”، حيث قدمت منحة لتلك المنظمة، مؤخرًا، قيمتها مليوني دولار.
إهدار 19% من الغذاء
وجد أحدث تقرير لمؤشر هدر الغذاء من برنامج الأمم المتحدة للبيئة، أن ما يقدر بنحو 19٪ من الغذاء المنتج عالميًا قد أهدر في عام 2022.
وأظهر تقرير الأمم المتحدة أن الأسر في كل أنحاء العالم تخلصت من أكثر من مليار وجبة يوميًا خلال عام 2022، في وقت كان فيه أكثر من 783 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
وبشكل عام، ذهب 1.05 مليار طن من الغذاء إلى النفايات في ذلك العام، وجاءت غالبية تلك الكميات وهي 631 مليون طن، أو ما يصل إلى 60٪ من الأسر، وفقًا لتقرير مؤشر هدر الغذاء لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة لعام 2024.
وفي الولايات المتحدة، يُعد الغذاء أكبر فئة من المواد الموجودة في مكبات النفايات البلدية، وفقًا لمسؤولين فيدراليين. وأكثر من ثلث النفايات البلدية – أو نحو 100 مليون طن – هي نفايات عضوية، حيث يشكل الغذاء 66 مليون طن من تلك النفايات.
وبمجرد دخول الطعام إلى مكب النفايات، تتعفن في هذه البيئة المحرومة من الأكسجين، وتنبعث منها غاز الميثان، وهو غاز دفيئة أقوى من ثاني أكسيد الكربون بأكثر من 28 مرة في حبس الحرارة في الغلاف الجوي. ووفقًا لوكالة حماية البيئة الأمريكية، فإن فقدان الطعام وهدره مسؤولان عن 8٪ من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمية الناجمة عن الأنشطة البشرية، وفقًا لموقع “يو إس نيوز“.
إدراك المشكلة
أدركت العديد من البلدان هذه المشكلة. على سبيل المثال، ساعدت سياسات نفذتها كوريا الجنوبية على مدى العقود الثلاثة الماضية في رفع معدل إعادة تدوير الأغذية إلى أكثر من 95٪، وفقًا لباحث السياسات المقيم في سيول دون مون لوكالة “الأناضول“.
وفي عام 2019، كان متوسط نفايات الطعام في كوريا الجنوبية 14314 طنًا يوميًا، منها 13773 طنًا، أو 96.2٪، تم إعادة تدويرها. تبع ذلك معدل إعادة تدوير 97٪ في عام 2018 و97.1٪ في عام 2017، وفقًا لبيانات وزارة البيئة في كوريا الجنوبية.
وقال الباحث في السياسات في التحالف العالمي لبدائل محارق النفايات (GAIA)، إن التحول بدأ في تسعينيات القرن العشرين عندما فرضت كوريا الجنوبية مجموعة من السياسات لمعالجة أزمة النفايات الناشئة.