أزمة نقص الغذاء تتفاقم في كوريا الشماليةأطفال في كوريا الشمالية يتناولون الطعام - الصورة من سي إن إن

غذاء ومناخ

هل سيضطر زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، إلى طلب المساعدة من كوريا الجنوبية، لإنقاذ شعبه من نقص الغذاء الناجم عن الفيضانات ودرجات الحرارة فوق المعدل الطبيعي والأمطار المتوقع زيادتها، والتي تهدد المحاصيل الرئيسة في مقدمتها الأرز؟

تعاني كوريا الشمالية من تغير المناخ، مع رفض المساعدات الخارجية، وفقًا لتقرير اطلعت عليه منصة “غذاء والمناخ“.

وأفادت وسائل إعلام رسمية أن الأمطار غير المسبوقة تركت الآلاف من الناس عالقين بسبب الفيضانات، ما دفع الزعيم كيم جونج أون إلى إعلان “حالة الطوارئ”.

ومن المرجح أن تؤدي مثل هذه الكوارث الطبيعية إلى تفاقم القضايا المتواصلة مثل ندرة الغذاء والبنية التحتية الرديئة.

وضربت الفيضانات كوريا الشمالية في نهاية يوليو/تموز الماضي، كما أن هناك مخاوف من مزيد من الأمطار، وارتفاع الحرارة إلى مستويات فوق المعدل المعتاد في مثل هذا الوقت من العام، ما تهدد الإنتاج الزراعي في بلد يتردد في قبول أي مساعدة خارجية، وخاصة من عدوه في الجنوب.

عرض المساعدة

في الخميس 15 أغسطس/آب، احتفلت كوريا الجنوبية بالذكرى التاسعة والسبعين لنهاية الاستعمار الياباني – لكن التركيز كان أكثر على كوريا الشمالية من اليابان. واستغل الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول المناسبة لإطلاق دعوة “الوحدة القائمة على الحرية”، ووضع سلسلة من المقترحات والالتزامات، بما في ذلك عرض مستمر للمساعدة لضحايا الكوارث الطبيعية في عدوتها كوريا الشمالية، بحسب صحيفة “لوموند“.

وجاء العرض في الوقت المناسب، حيث تواجه كوريا الشمالية حاليًا عواقب الفيضانات الكبرى على طول الحدود الصينية إلى الشمال منها. وعلاوة على ذلك، فإن تدهور الظروف الجوية في أواخر الصيف قد يؤثر على إنتاجها الزراعي، وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو).

وفي توقعاتها الصادرة في 12 أغسطس/آب للمدة حتى أكتوبر/تشرين الأول 2024، ذكرت منظمة الأغذية والزراعة أن “الأمطار الغزيرة قد تؤدي إلى تفاقم مشكلة التشبع بالمياه وزيادة الفيضانات، مما يتسبب في أضرار زراعية كبيرة ويؤدي إلى نقص الغذاء ونزوح الناس”.

غير أن القوات الأميركية والكورية الجنوبية، بدأت يوم الإثنين 19 أغسطس/آب 2024، تدريبات واسعة النطاق تهدف إلى تعزيز قدراتهما الدفاعية المشتركة ضد كوريا الشمالية المسلحة نوويًا، والتي كررت اتهامها للحليفين بالعمل على غزو البلاد، وفقًا لـ “سي بي سي”.

ومن المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة فوق المعدل خلال هذه المدة، مما يزيد من خطر زيادة حالات الإصابة بالآفات والأمراض، وانخفاض المحاصيل المحتملة. ومن المقرر أن يبدأ حصاد المحاصيل الأساسية (الأرز والذرة، وبدرجة أقل البطاطس والدخن والذرة الرفيعة) في نهاية أغسطس/آب.

نقص الغذاء يفاقم سوء التغذية

يؤدي نقص الغذاء إلى تفاقم مشكلات سوء التغذية التي تستمر معاناة السكان منها منذ المجاعة الكبرى في منتصف التسعينيات، والتي تسببت في قتل مليوني كوريشمالي.

غير أن هذه القضية تشكل أولوية بالنسبة للنظام. ففي أول خطاب له عام له عام 2012، وعد زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، بأن الكوريين الشماليين “لن يضطروا إلى شد أحزمتهم مرة أخرى”. وفي وقت لاحق، نفذ إصلاحات زراعية تستهدف مشاركة بعض الإدارة الخاصة في القطاع.

يُذكرأنه في كتاب جديد لمدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أندرو إس. ناتسيوس، قال إن تقييم المحاصيل السنوي الذي أجرته منظمة الأغذية والزراعة، حدد أن المجاعة في كوريا الشمالية كانت ناجمة إلى حد كبير عن النظام الاقتصادي الستاليني في البلاد – وليس الفيضانات، كما لا تزال الحكومة تدعي.

وقال ناتسيوس: “كوريا الشمالية وكوبا هما النظامان الزراعيان الستالينيان الوحيدان في العالم، حيث لا وجود لحافز لإنتاج الغذاء”. “لقد تراجع إنتاج الغذاء في الواقع أثناء المجاعة”. بالإضافة إلى ذلك، توقفت روسيا والصين عن إرسال الإمدادات الغذائية المدعومة بشدة والنفط إلى كوريا الشمالية بعد نهاية الحرب الباردة، وفقًا لـ “مركز ويلسون“.

ويرى ناتسيوس أن القرارات الحكومية قصيرة الأجل أدت إلى تفاقم هذه الكارثة. وذكر عدة أمثلة حرمت مناطق من توفير الغذاء لصالح أخرى. في عام 1995، منعت السلطات شحنات الغذاء إلى المنطقة الشمالية الشرقية بأكملها؛ لضمان إمدادات غذاء كافية للعاصمة بيونغيانغ، إذ لم تحصل هذه المنطقة على أي غذاء لمدة عامين ونصف. كما طردت العمال، بعد فرزهم في “الصناعات غير الأساسية” مثل التعدين.

والآن، تعد كوريا الشمالية واحدة من أفقر دول العالم. والتقديرات الأخيرة نادرة، لكن كتاب حقائق العالم التابع لوكالة المخابرات المركزية، يقدر أن نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي بلغ نحو 1700 دولار في عام 2015، وفقًا لـ “بي بي سي”.

ومع ذلك، فإن الوضع على أرض الواقع والأرقام غير واضحة، في ضوء غموض اقتصاد كوريا الشمالية، بسبب انغلاقها.