غذاء ومناخ
تحول تراكم الطمي في سد أربعات السوداني إلى كارثة، تسببت في مقتل العشرات وتدمير آلاف الأفدنة الزراعية من الأراضي، وتهدد الآن المصدر الرئيس لمياه الشرب والزراعة في المنطقة.
وقُتل ما لا يقل عن 60 شخصًا بعد انفجار السد بسبب الأمطار الغزيرة في السودان الذي مزقته الحرب.
وكان سد أربعات السوداني بمثابة مصدر المياه العذبة الأساسي لمدينة بورتسودان، التي أصبحت عاصمة السودان بالنيابة؛ بعد بدء القتال في الخرطوم بين القوات الحكومية وقوات الدعم السريع خلال الحرب الأهلية المتواصلة منذ ما يقارب من عامين، وفقًا لتقرير اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ”. كما كان جزءًا من البنية التحتية لإدارة مياه الفيضانات في السودان، لكن آخر أعمال الصيانة للسد أجريت في عام 2017.
ما هو السد؟
أُنشئ سد أربعات السوداني في عام 2003. تبلغ مساحة الخزان (4750) كيلومترًا مربعًا، وتشمل خزان خور أدروس الذي يبلغ طوله 160 كيلومترًا.
ويبلغ طول دلتا أربعات 25 كيلومترًا، بينما تبلغ المساحة الصالحة للزراعة في دلتا أربعات نحو 23.215 ألف فدان، منها نحو 9.285 ألف فدان يمكن زراعتها بالري الفيضي، وتبلغ المساحة المزروعة نحو 2.400 ألف فدان، ويمكن إضافة 8000 فدان أخرى للري الفيضي إذا توفرت المياه، وفقًا لـ “دبنج السودان“.
وواجه سد أربعات السوداني عددًا من التحديات منذ ما قبل الحرب الأهلية على الرغم من أهميته الكبيرة، وتشمل:
أولًا، يُعد تراكم الرواسب من أبرز المشكلات التي تواجه السد، حيث يعمل تراكم الرواسب على تقليل سعة التخزين ويؤثر سلبًا على فعالية السد في جمع وتخزين المياه.
ثانيًا، نقص الصيانة: كانت هناك حاجة ملحة للصيانة المستمرة لضمان تشغيل السد بكفاءة، ولكن في بعض الأحيان كانت السلطات المحلية تواجة صعوبات مالية أو لوجستية تؤثر على تنفيذ أعمال الصيانة اللازمة.
ثالثاً، لعب تغير المناخ دوراً في تغيير نمط هطول الأمطار، مما قد يؤدي إلى نقص في كمية المياه المخزنة في السدود في بعض السنوات.
تحذير البنك الدولي
حذر البنك الدولي من تراكم الطمي في سد أربعات السوداني وبعض المشكلات الأخرى في عام 2018.
وقال تقرير البنك الدولي -حينها- الصادر تحت عنوان “إدارة مصادر إمدادات المياه الحرجة بالقرب من بورتسودان، السودان: سد أربات وحقول الآبار في أربات وموج”: “إن السد الخزاني على طول خور أربعات مهدد بالطمي وانخفاض التدفق، والآبار بالقرب من أربات تفشل”.
لذلك، سمح البنك الدولي لشركة هيدرو نوفا، بموجب عقد مؤرخ 30 مارس 2018، بالمضي قدمًا في إعداد دراسة إدارة الموارد المائية لحقول آبار أربات وسد أربات في بورتسودان، السودان، ولكن على الرغم من أن الدراسة وجدت نتائج كارثية، إلا أن السلطات لم تصلح أيًا منها.
تصف النتائج الرئيسة للدراسة الخيارات الأكثر فائدة لزيادة توصيل المياه في بورتسودان. ومن بين البدائل العديدة التي نُظر فيها، فإن البديل الذي يمكن أن يعود بأكبر فائدة، تضمن بناء سد تحت الأرض ومعرض تسرب بالقرب من الجزء السفلي من حقل بئر أربات والبناء.
والآن، يعمل الشركاء الإنسانيون والسلطات على نشر المزيد من الفرق لتقييم الأضرار ومعالجة الاحتياجات العاجلة لنحو 50 ألف شخص تضرروا من الفشل الكارثي لسد أربعات السوداني، على بعد 38 كيلومترًا شمال غرب بورتسودان، يوم السبت 24 أغسطس/آب 2024. وقد أكدت السلطات المحلية مقتل 30 شخصًا، ومع ذلك، فإن عدد الضحايا قد يكون أعلى من ذلك بكثير، حيث تشير بعض الأرقام إلى 130 شخصًا.
وفي تقرير “تحديث سريع” للوضع صدر مساء الاثنين، أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن السلطات السودانية نشرت فريقًا لإجراء عمليات البحث والإنقاذ.
ويُعد انهيار السد في ولاية البحر الأحمر من أسوأ الحوادث التي جرف فيها السد المزارع والقرى الواقعة أسفله، بحسب “بي بي سي“.
وقال أحد السكان المحليين علي عيسى لوكالة فرانس برس إن الناس “علقوا في سبع سيارات – حاولوا إخراجهم لكنهم لم يتمكنوا”.
وقال موسى محمد موسى، أحد السكان، إنه قيل له إنه في إحدى المناطق “جرفت المياه كل المنازل وكل شيء”.