غذاء ومناخ
خضعت رؤية “مشروع 2025” الذي يُنسب للرئيس السابق دونالد ترمب، والمحافظة للكثير من التدقيق في الأسابيع الأخيرة، ورغم ذلك لم يلحظ أحد اقتراح خفض شبكة الأمان الفيدرالية للتغذية بشكل حاد، والتي يمكن أن تدمر برامج المساعدات الغذائية في أميركا.
وتتضمن تفاصيل الخفض المرتقب في المشروع في الخطط في الفصل الخاص بوزارة الزراعة الأمريكية (يو إس دي إيه)، والذي يدعو إلى تضييق نطاق الوزارة كثيرًا للتركيز بشكل أساسي على البرامج الزراعية. ويعني ذلك إعادة هيكلة وزارة الزراعة الأميركية بشكل جذري من خلال نقل برامج المساعدة الغذائية إلى وزارة الصحة والخدمات الإنسانية (إتش إتش إس)، وفقًا لتقرير اطلعت عليه منصة “غذاء والمناخ“.
المساعدات الغذائية في أميركا
انتقدت أجندة مشروع 2025، وزارة الزراعة الأمريكية، إذ عدّتها “وكالة رعاية اجتماعية رئيسة”، واعترضت على برامج التغذية طويلة الأمد، والتي تقدم المساعدات الغذائية في أميركا، وتدعم إطعام ملايين المواطنين من ذوي الدخل المنخفض في الولايات المتحدة سنويًا، بما في ذلك النساء الحوامل والرضع وأطفال المدارس من رياض الأطفال حتى الصف الثاني عشر.
وتحدد الخطة السياسات التي من شأنها خفض برنامج المساعدة الغذائية التكميلية(إس إن إيه بي)، المعروف سابقًا باسم “كوبونات الطعام”، وبرنامج التغذية التكميلية للنساء والرضع والأطفال (دبليو آي سي)، كما ستقلل من الدعم الفيدرالي لبرامج الوجبات المدرسية الشاملة، وفقًا لموقع “سيفيل إيتس“.
وقالت نائبة وكيل وزارة الزراعة الأمريكية السابقة للأغذية والتغذية وخدمات المستهلك في إدارة بايدن، ستايسي دين: “لدينا برامج المساعدات الغذائية في أميركا على مستوى الحكومة الفيدرالية فعالة حقًا، تستند إلى الأدلة، وهناك تاريخ طويل في السعي إلى تحسينها باستمرار”.
وأضافت: “اقتراح تقليص الفوائد لملايين الأشخاص الذين يعتمدون على المساعدات الغذائية لرفاهتهم الأساسية أمر مثير للقلق”.
ويستند اقتراح إعادة هيكلة وزارة الزراعة الأمريكية، في مشروع 2025، إلى اقتراح سابق في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، لتوحيد برامج شبكة الأمان الفيدرالية.
وشمل ذلك نقل برنامج المساعدة الغذائية التكميلية وبرنامج التغذية التكميلية للنساء والرضع والأطفال – والذي أعيدت تسميته ببرامج الرعاية الاجتماعية، وهو مصطلح يستخدم غالبًا بشكل مهين – من وزارة الزراعة الأمريكية إلى الصحة، وهي خطوة أشار إليها الخبراء أنها من المرجح أن تجعل هذه البرامج أسهل في تخفيض التمويل، بما في ذلك عن طريق تصنيفها كفوائد رعاية اجتماعية، والتي غالبًا ما يعتبرها المحافظون غير ضرورية.
قال المستشار الأول في مركز البحوث الاقتصادية والسياسية، الذي يبحث في برامج المساعدات الغذائية في أميركا، شون فريمستاد: “أعتقد أن التأثير سيكون جعل [البرامج الغذائية] أكثر عرضة لنوع من تغيير السياسة السنوية بشأن قضايا الصحة والخدمات الإنسانية”.
وأضاف: “ويلاحظ أن مستوى الضعف سيعتمد جزئيًا على ما إذا كانت هذه البرامج برامج إنفاق إلزامية أو تقديرية في وزارة الصحة والخدمات الإنسانية”.
ترمب ينأى بنفسه
مع خضوع مشروع 2025 للتدقيق، نأى ترمب، وهو المرشح الرئاسي عن الحزب الجمهوري في الانتخابات المقبلة، بنفسه علنًا عن الاقتراح.
وجمعت المشروع ونشرته مؤسسة هيريتيغ، وهي مؤسسة بحثية ساعدت منذ مدة طويلة في تحديد أجندة المحافظين، وتنفذ سياسات ترامب السابقة. على سبيل المثال، اقترحت مؤسسة هيريتيغ في الأصل مقترح للرئيس السابق في عام 2018 لإعادة هيكلة الحكومة الفيدرالية، ونقل البرامج الغذائية إلى وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.
ويُعد العديد من السياسات الواردة في مشروع 2025 في قسم وزارة الزراعة الأميركية، استمرارًا للجهود السابقة التي بذلتها إدارة ترمب لتفكيك شبكة الأمان الفيدرالية للتغذية.
وعلى سبيل المثال، أُلغيت قاعدة وضعها ترمب في عام 2020 من قبل القاضية الأميريكية بيريل هاويل، التي قررت أنها “تغير بشكل جذري وفجائي عقودًا من الممارسة التنظيمية، مما يترك الولايات في حالة من الفوضى ويزيد بشكل كبير من انعدام الأمن الغذائي لعشرات الآلاف من الأميركيين”.
ومنذ حظر تلك القاعدة، تحسنت مستويات التوظيف، لكن انعدام الأمن الغذائي لم يتحسن. ووجدت وزارة الزراعة الأميركية أن مستويات انعدام الأمن الغذائي في الأسر ارتفعت إلى ما يقرب من 13% في عام 2022، متجاوزة مستويات عامي 2021 و2020.
ويُعزى هذا إلى ارتفاع معدلات التضخم ونهاية المساعدات الغذائية في أميركا، التي تقررت خلال اجتياح وباء كوفيد-19. وفي عام 2022، عاش 44 مليون شخص في منازل بدون طعام كافٍ، بما في ذلك 7.3 مليون طفل.
ويُعد الاقتراح الموجود في مشروع 2025، بتشديد متطلبات العمل في برنامج (سناب)، هو واحد من العديد من الاقتراحات التي من شأنها أن تقوض بشكل جماعي برامج المساعدات الغذائية الفيدرالية التي دعمت الأميركيين من ذوي الدخل المنخفض لعقود من الزمن. كما أنه من شأنه أن يلغي بعض العمليات المبسطة التي تسمح للمشاركين في برامج المنافع الاجتماعية الأخرى بالحصول على فوائد (سناب) بسهولة أكبر، بما في ذلك برنامج المساعدات النقدية للأسر ذات الدخل المنخفض وبرنامج يساعد الأسر ذات الدخل المنخفض على تحمل تكاليف فواتير الطاقة الباهظة في كثير من الأحيان.
وتدعو الخطة -أيضًا- إلى إصلاح برنامج القسائم لحليب الأطفال بموجب برنامج (دبليو آي سي)، والذي يوفر فوائد غذائية للنساء الحوامل وبعد الولادة، والرضع، والأطفال دون سن 6 سنوات.
وقالت المحللة السياسية البارزة في “سي بي بي بي” كاتي بيرج: “إن قلب هذه العملية قد يؤدي إلى نقص التمويل، وتعريض الوصول إلى برنامج “(دبليو آي سي) للخطر لملايين الآباء والرضع والأطفال الصغار، كما يدفع إلى ارتفاع أسعار الحليب الصناعي لجميع المستهلكين. إن عملية المزايدة التنافسية للبرنامج لحليب الأطفال الصناعي توفر للبرنامج ما بين مليار دولار و2 مليار دولار سنويًا”.
وفي إطار خفض آخر للمساعدات الغذائية للأطفال، قد يؤدي مشروع 2025 إلى تهديد مستقبل بعض برامج الوجبات المدرسية الشاملة، أيضًا.