غذاء ومناخ
حلل علماء مشاركون في دراسة حديثة، زراعة الخس في المنشآت الزراعية الداخلية التي تستعمل تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل التعلم العميق التعزيزي والتحسين الحسابي، في 8 مواقع متنوعة، ووجدوا أن استهلاك الطاقة انخفض بنسبة 32.4%، ما يمكن أن يساعد في خفض تكلفة إنتاج المحاصيل في الزراعة الداخلية.
واستهلك الخس المزروع في المنشآت الزراعية الداخلية 6.42 كيلوواط/ساعة لكل كيلوغرام من الخس الطازج، مقارنة بـ 9.5 كيلوواط/ساعة لكل كيلوغرام في الأماكن التي تعتمد على التكنولوجيا غير المدعمة بالذكاء الاصطناعي.
والبحث الحديث، الذي أطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“، قال: “دمج الذكاء الاصطناعي في أنظمة التحكم البيئي الحالية، يمكن أن يقلل من استهلاك الطاقة في الزراعة الداخلية، ما قد يساعد في تغذية العالم مع زيادة عدد السكان”، وفق أعضاء جامعة كورنيل الأميركية المشاركين في البحث.
ونشرت “ناتشر فوود” البحث، حيث حلل الباحثون زراعة الخس في منشآت الزراعة الداخلية في 8 مواقع متنوعة الطقس بين البارد والدافئ، وهي لوس أنجلوس، وشيكاغو، وميامي، وسياتل، وميلووكي، فينيكس، وفارغو في داكوتا الشمالية، وإيثاكا في نيويورك في الولايات المتحدة – بالإضافة إلى ريكيافيك في أيسلندا، ودبي في الإمارات العربية المتحدة.
المناطق الأكثر دفئاً
وجد الباحثون أنه في المناطق الأكثر دفئاً، مثل دبي أو جنوب الولايات المتحدة، قلل الذكاء الاصطناعي من استهلاك الطاقة إلى 7.26 كيلوواط/ساعة لكل كيلوغرام من وزن الخس الطازج، انخفاضاً من 10.5 كيلوواط/ ساعة لكل كيلوغرام، وهو ما يعادل انخفاضًا بنسبة 30.9%.
وأشارت الدراسة إلى أن توفر التهوية المنخفضة خلال وجود الضوء (16 ساعة من ضوء الشمس المحاكى) والتهوية العالية خلال الظلام (ثماني ساعات تحاكى الليل) حلاً فعالًا من حيث الطاقة لتحقيق مستويات مثلى من ثاني أكسيد الكربون الداخلي لعملية التمثيل الضوئي، والأكسجين للتنفس ونمو النبات، وتوازن متطلبات التهوية الأخرى.
وقال أستاذ أنظمة الطاقة في جامعة كورنيل، فنجكي يو: “هذا مفهوم مشابه جداً للمنازل الذكية”.
وأضاف: “نريد أن نكون مرتاحين في المنزل مع تقليل استخدام الطاقة؛ والنباتات أيضاً. يركز هذا العمل على نظام ذكي لجعل إنتاج الغذاء مثاليًا ومستدامًا وتقليل البصمة الكربونية. هذا ما يفعله الذكاء الاصطناعي بشكل جيد للغاية. يمكننا توفير الكثير إذا استعملنا الذكاء الاصطناعي لتحسين الإضاءة الصناعية وأنظمة الطاقة الأخرى بعناية”.
ومن المتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى 9.7 مليار نسمة بحلول عام 2050، وفقاً للأمم المتحدة. ويتطلب هذا النمو، بالتوازي مع تغير المناخ والتحضر، إصلاحات للعيوب في أنظمة إنتاج الغذاء الحالية في العالم، وفقاً للباحثين. وطرق الزراعة الداخلية، مثل مصانع الزراعة بالإضاءة الصناعية، أقل عرضة لتغير المناخ، لكنها تتطلب كمية كبيرة من الطاقة وإدارة دقيقة للموارد لتكون مستدامة.
وقال يو: “أنظمة التحكم البيئي الحالية ليست ذكية بما فيه الكفاية”.
يُذكر أن تلك الدراسة حصلت على دعم مالي من وزارة الزراعة الأميركية (المعهد الوطني للغذاء والزراعة)؛ ومجلس بحوث العلوم الطبيعية والهندسة في كندا؛ وزمالة إريك وويلي شميت في الذكاء الاصطناعي في العلوم (جامعة كورنيل).
الطاقة الشمسية
أظهرت دراسة مشتركة لكل من “مدرسة علوم الطاقة والهندسة” و”معهد هاربين للتكنولوجيا” الصينيين، والتي نُشرت في ديسمبر/كانون الأول 2023، نتائج داعمة لبحث جامعة كورنويل.
ووفق الدراسة الصينية، فإن الطاقة الشمسية، مصدر متجدد وفير وصديق للبيئة، جذب انتباه العالم. حالياً، هناك مجموعة متزايدة من التطبيقات للطاقة الشمسية، بما في ذلك تخزين الطاقة الشمسية الحرارية، وتوليد الطاقة الشمسية، التدفئة الشمسية، الكيمياء الحرارية الشمسية، والعلوم الجوية الشمسية، وغيرها.
وتعتمد حياة الإنسان الإنتاجية، وكذلك نمو النباتات والحيوانات، بشكل كبير على الطاقة الشمسية، إذ أنه بدون ضوء الشمس، لا يمكن للنباتات إجراء عملية التمثيل الضوئي. ومع ذلك، فإن أقل من 50% من الطاقة الشمسية تصل إلى سطح الأرض، ما يؤدي إلى انخفاض معدل استخدام الضوء للشكل النباتي.
واستعمال الطاقة غير الفعال هو -أيضًا- عائق رئيس لتطوير الزراعة الداخلية، وفق البحث.
وتمثل الإضاءة في منشآت الزراعة الداخلية نحو 80% من إجمالي استهلاك الطاقة، بما في ذلك مصدر الضوء، ونظام التكييف، ونظم تدوير المواد الغذائية.
وتستطيع منشآت الزراعة الداخلية الإنتاج المستمر على مدار العام من خلال التحكم البيئي الدقيق في المنشأة، وتقليل القيود التي تفرضها الظروف الطبيعية. وتمثل هذا المرحلة المتقدمة في تطوير الزراعة داخل المنشآت. والزراعة التقليدية تتأثر بشكل كبير بالبيئة الطبيعية وأنواع مختلفة من البيئات القاسية.
ومع ذلك، فإن منشآت الزراعة الداخلية تخضع لسيطرة كاملة من قبل البشر، لذلك لا تتأثر بالبيئة المحيطة، ما يوفر تغطية شاملة للزراعة التقليدية، بل ويمكن تطبيقه -أيضًا- في جميع أنواع البيئات القاسية: الصحارى، والمناطق شديدة البرودة، والفضاء الخارجي (محطة الفضاء، قاعدة القمر).
ويُعد هذا شكلاً مبتكراً للزراعة، حيث يجري التدخل بشكل كامل من قبل الإنسان، مما يحقق الاستخدام الفعّال للزمان والمكان، ويمكن أن يزيد المحصول إلى عشرات الأضعاف، وفقاً لموقع “ساينس دايركت“.