مكافحة فطر ذبول الموز بطريقة جديدةشجرة موز - الصورة من مينأوبا أورتشاردس

غذاء ومناخ

بدأ استعمال أسلوب جديد يستهدف مكافحة فطر ذبول الموز من السلالة الاستوائية 4 (تي آر 4)، قبل سنوات، لكنه دخل أفريقيا مؤخرًا، وهو المحاكاة، فما هو؟

استضافت هيئة تفتيش صحة النبات في كينيا، وهي المنظمة الوطنية لوقاية النباتات في البلاد، تدريب أسلوب محاكاة فطر ذبول الموز.

ولعبت أمانة الاتفاقية الدولية لوقاية النباتات التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) دورًا رائدًا، كمنظم، حيث تنسق الجهود العالمية ضد فطر الفيوزاريوم 4، وفقًا لبيان تلقت منصة “غذاء ومناخ” نسخة منه، اليوم الإثنين 30 سبتمبر/أيلول 2024.

مولت المشروع المفوضية الأوروبية، بموجب تصميم السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا (الكوميسا)، وشمل مشاركين من الدول الأعضاء في الكوميسا.

قصة تجربة مكافحة فطر ذبول الموز في كينيا

جرت تجربة مكافحة فطر ذبول الموز في مزرعة في كينيا، حيث جسد القائمون على المزرعة قصة تخيلية عن ظهور الفطر، وقيام مديرها بسرعة بإجراء مكالمة طوارئ إلى المنظمة الوطنية لوقاية النباتات، لإخطارها بأن بعض أشجاره تظهر عليها أعراض فطر الفيوزاريوم الاستوائي شديد التدمير من النوع 4. تقوم المنظمة بسرعة بنشر الموظفين في المزرعة. عند الوصول، يرتدي فريق المنظمة معدات الحماية الشخصية، ويقومون بتطهير أحذيتهم وأدواتهم ويتبعون بروتوكولات الأمن البيولوجي الأخرى اللازمة لبدء تحديد الأشجار التي تشكل مشكلة.

ثم يقوم الفريق بإنشاء منطقة حجر صحي وتوجيه موظفي المزرعة بعدم دخول المنطقة، فإذا سُمح لمرض فطر ذبول الموز بالانتشار، فإن هذا يعني هلاكًا مؤكدًا للمزرعة.

وكانت هذه المحاكاة لمكافحة انتشار فطر ذبول الموز قد نُفذت بعدد من البلدان بما في ذلك، في هذه الحالة الأخيرة، كينيا.

ووصف عامل في مزرعة بندور الواقعة على بعد 50 كيلومترًا من عاصمة البلاد (نيروبي)، موسى نجورا كيبوثو، الأسلوب بأنه مفيد للغاية، وقال: “الآن، نعلم ما يجب علينا فعله لاتخاذ كل التدابير الوقائية لحماية مزارعنا وسبل عيشنا”.

وتعلّم المشاركون في المحاكاة كيفية الوقاية من التهديدات الناشئة مثل فطر ذبول الموز من السلالة الاستوائية 4 واحتوائها، وشاركوا في وضع خطة طوارئ في حال حدوث مثل هذا السيناريو على أرض الواقع.

وتكمن أهمية هذه المحاكاة، خاصة، في أنها الأولى التي تُجرى في أفريقيا بالتعاون مع خبراء المنظمة من إقليم أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي، وهو إقليم يتمتع بسنوات من الخبرة في مكافحة هذا الفطر الخطير.

التجربة اللاتينية

قالت المسؤولة الزراعية في (الفاو) لإقليم أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي، رايكسا للاوجر: “إذا أردنا منع انتشار مرض ذبول الموز الفطري من السلالة الاستوائية 4 في مناطق أخرى، بما في ذلك أفريقيا، والحيلولة دون تدمير سبل عيش لا تحصى ولا تعدّ، فمن الضروري نقل المعرفة التي اكتسبناها في أمريكا اللاتينية”.

وخلال المحاكاة الميدانية، أجرى الخبراء الفنيون في المنظمة تجارب توضح كيفية أخذ عينات من النباتات المصابة، وإتلافها لمنع انتشار الفطر في المزرعة.

وأُجريت المحاكاة -أيضًا- في مختبر مركز الحجر الصحي النباتي والأمن البيولوجي في مدينة موغوغا في مقاطعة كيامبو، حيث تلقّى المشاركون تدريبًا على كيفية استلام العينات ذات الأولوية، ومراعاة تدابير الأمن البيولوجي وإبلاغ المزارع وأصحاب المصلحة الآخرين المعنيين بنتائج التحاليل.

كما وجِّهت الدعوة إلى الزعماء المحليين للتأكد من إدراك المجتمع المحلي أن المحاكاة كانت إجراءً تدريبيًّا وليست حالة تفشٍّ فعليٍّ.

وأثناء التحضير للمحاكاة الشاملة، زار المنظمون -أيضًا- مطار جومو كينياتا الدولي في نيروبي لتكوين فهم مباشر عن أحد مسارات الخطر الذي يمكن أن تسلكه النباتات أو المنتجات النباتية المصابة للدخول إلى كينيا.

تداعيات هائلة

وتُزرع أشجار الموز في 135 بلدًا حول العالم، في مقدمتها الهند، حيث يعتمد أكثر من 400 مليون شخص على الموز لضمان أمنهم الغذائي، وتُسهم بحصة قدرها 10 مليارات دولار سنويًّا في التجارة العالمية.

وحتى الآن، أبلغت 3 بلدان أفريقية فقط عن حالات إصابة بهذا الفطر. ويطرح فطر ذبول الموز من السلالة الاستوائية 4 مشكلة خاصة بسبب بقائه في التربة لمدد طويلة، وقدرته على الانتشار عن طريق المعدات والمياه والمواد الزراعية الملوثة. ولا وجود حتى الآن لطريقة تقضي على هذا الفطر حال وجوده في التربة، ما يُبرز أهمية الوقاية والاستعداد والتصدّي الآنية لوقف انتشاره.

وقد اكتُشف فطر ذبول الموز لأول مرة في أميركا اللاتينية في عام 2019؛ ومع ذلك، أُجريت تمارين المحاكاة قبل ظهوره في إكوادور وبليز وبنما وبوليفيا والجمهورية الدومينيكية والسلفادور وغواتيمالا وكولومبيا وكوستاريكا والمكسيك ونيكاراغوا وهندوراس، ولا تزال جارية فيها.

وأوضحت مسؤولة (الفاو) أن هذه الاستراتيجية قد أتاحت للدول تعزيز تدابير الوقاية والأمن البيولوجي عبر مراحل إنتاج الموز ونقله وتبادله التجاري الدولي، إضافة إلى إجراء مراجعة شاملة لنظم مراقبة صحة النباتات.

وشهدت كولومبيا إحدى قصص النجاح. فقد تمكّنت البلاد من إبطاء تقدم المرض، ما أدى إلى زيادة إنتاج الموز وتصديره من 2019 وحتى نهاية 2023، على الرغم من استمرار وجود فطر ذبول الموز من السلالة الاستوائية 4.

وتبرز أهمية هذا النوع من التأهّب (أسلوب المحاكاة) عندما يؤدي إلى تعزيز الأمن الغذائي وحماية سبل العيش للعديد من الأسر المعيشية في البلدان المنتجة للموز وموز الهند. وتُعدّ هذه الجهود ضرورية ليس فقط في مواجهة فطر ذبول الموز من السلالة الاستوائية 4، ولكن -أيضًا- في مكافحة العديد من الأمراض والآفات الأخرى التي يتسع نطاق انتشارها بسبب تغير المناخ.

ويُعد المرض أحد أكثر الفطريات عدوانية وتدميرًا في تاريخ الزراعة وأكبر تهديد لإنتاج الموز في العالم، وفق الموقع الإلكتروني لـ (الفاو).