غذاء ومناخ
وجدت دراسة حديثة أن هناك 99 من النباتات البرية الصالحة للتناول البشري، إضافة إلى 9 أنواع من الفطر من 38 عائلة في جبال الهيمالايا الغربية في كشمير، كما خلصت الدراسة إلى أن النساء لديهن معرفة أكبر بهذه النباتات، ومدى قدرتها على العيش في ظروف المناخ القاسية.
وقالت الدراسة التي نُشرت في مجلة “سياسة الغابات والاقتصاد”: إن الاستمرار في زراعة هذه النباتات الصالحة للتناول يفتح الباب لتعزيز الأمن الغذائي، وفق تقرير طالعته منصة “غذاء ومناخ“.
وفي العقود القليلة الماضية، أثرت مشروعات التنمية والتطور الحضري وتغير المناخ بشدة في توافر أنواع الأغذية البرية وزراعتها، مما أسهم في زيادة حدة الجهل بفوائد هذه النباتات البرية الصالحة للتناول.
وجدت الدراسة 99 نوعًا من النباتات البرية الصالحة للتناول، و9 أنواع من الفطر من 38 عائلة، تُستعمل في الوجبات الدسمة لـ 4 مجموعات عرقية؛ هي: الباهاري والغوجار والكشمير والبكاروال.
ومن بين هؤلاء، استخدم شعب باهاري أكبر عدد من أنواع النباتات البرية، يليه شعب جوجار وكشمير وباكاروال. وكان استخدام الأوراق الطرية للأغراض الغذائية والطبية هو الأكثر شيوعًا بشكل عام، في حين كانت الدرنات هي الأقل استعمالًا.
وبينما كانت هناك أوجه تشابه واختلاف في أنواع الأغذية والممارسات الغذائية بين المجموعات الأربع، كانت الفجوة بين الأجيال في المعرفة التقليدية لهذه النباتات البرية الصالحة للتناول بين كبار السن والشباب هي القوة الدافعة الرئيسة لفقدان المعرفة التقليدية بين هذه المجتمعات، وفق موقع “إنديا مونغاباي“.
فقد المعرفة التقليدية
قال أحد مؤلفي الدراسة وعالم الأحياء العرقية من جامعة ولاية إيليا في جورجيا، الشيخ ماريفاتول حق: “كانت الوثائق التي تعد الأولى من نوعها التي جرى إجراؤها من منظور علم النبات الغذائي، أمرًا بالغ الأهمية نظرًا لثراء الأنواع بين المجموعات العرقية، وفقد المعرفة التقليدية المتأثرة بعوامل متعددة”.
وعلى عكس المجتمعات الجبلية الأخرى، يحدث فقد المعرفة النباتية التقليدية في المجتمعات الكشميرية التي تتمتع بوضع اقتصادي أكثر استقرارًا، بسبب توفر السلع في الأسواق وتفضيل السكان المحليين شراء الخضروات من المتاجر بدلاً من البحث عن الطعام في البرية.
وأضاف حق: “أن هذا التحول الاقتصادي، أدى إلى فشل تعزيز المعرفة القيمة الموجودة في المجتمع بشأن تلك النباتات البرية الصالحة للتناول، ونقلها إلى الأجيال المتتالية للحفاظ عليها”. .
وعلى النقيض من ذلك، تستعمل مجتمعات جوجار وباهاري التي تعيش بالقرب من الغابات بنشاط النباتات البرية التقليدية والأدوية من أجل القوت وتعزيز قدرتها على التذكر. ويبحثون عن الأطعمة البرية ويبيعونها بنجاح في الأسواق المحلية بتكلفة معقولة.
ويقول المؤلفون إن هذا نموذج حي للأطعمة التقليدية التي تساعد في تعزيز الأمن الغذائي. ومن بين أنواع النباتات البرية الصالحة للتناول، التي جرى دراستها، 19 نوعًا، ذات قيمة اقتصادية عالية وتوافر وقدرة على النمو في المناخات القاسية.
مواجهة تغير المناخ
في مواجهة تغير المناخ، يقول المؤلفون إن بعض هذه النباتات يمكن أن تساعد في التكيف مع الطقس القاسي، مثل انخفاض هطول الأمطار والثلوج التي تتعرض لها جبال الهيمالايا الكشميرية، وتظهر قدرة واعدة على تعزيز الأمن الغذائي.
وهناك العديد من أنواع الأعشاب مثل “بالنغا” أو “كابسللا بورصا باستوريس”، و”هاند” أو “سيتشوريوم إنتيابوس”، و “ماسنوري” أو “بورتولاكا أولراسيا”، و”لاكوت-غل” أو بلانتاغو”، و “هيند” أو “تاركاسيوم أوفيسنال”، وهي تتميز بقدرتها على التكيف مع المناخ، وتنمو كأعشاب ضارة في منطقة الدراسة. ويمكن أن تصبح هذه أيضًا جزءًا من حدائق المنازل للتغلب على مشكلات ندرة الغذاء في المستقبل القريب، كما يقول حق.
وبسبب قيمتها العالية، يرى المزارع الكشميري محمد عبد الله البالغ من العمر ثمانية وخمسين عامًا، أن فقدان المعرفة بهذه النباتات البرية الصالحة للتناول بين أفراد المجتمع بأكمله يمثل مشكلة.
وقال عبد الله: “كان السير في جبال الهيمالايا بحثًا عن الطعام أمرًا معتادًا في ثقافتنا، لكننا الآن نشرك أطفالنا في ذلك لغرس هذه القيم والمعرفة فيهم”.
وتُطهى الخضروات البرية، إما مقلية أو مسلوقة للوجبات، وتُستهلك الفاكهة البرية نيئة في معظم الأحوال. وعلى سبيل المثال، يتم غلي سيقان الكونجي (Pteridium revolutum)، وأوراق الأعشاب الطرية (Phytolacca acinose)، وتجفيفها وحفظها للاستهلاك في الشتاء.
ومع ذلك، لا يزال هناك عدد من التحديات التي تتجاوز فجوة المعرفة بين الكبار والصغار. ويلعب الجنس دورًا في تحديد من يتذكر ويعرف ومن لا يتذكر، وفق الباحثين المشاركين في الدراسة. ونظرًا لأن النساء شاركن بشكل نشط في عملية البحث عن الطعام، فقد كن أكثر معرفة بالنباتات البرية الصالحة للأكل (51.49%)، مقارنة بالرجال (45.51%) الذين رحلوا في الغالب إلى الخارج للعمل.
يُذكر أن “سياسة الغابات والاقتصاد”، هي مجلة علمية تنشر أبحاثًا سياسية واقتصادية جرى مراجعتها من قبل جهات متخصصة تتعلق بالغابات، وفقًا لموقعها الإلكتروني.