غذاء ومناخ
تشير التوقعات إلى أن الحرب التجارية بين واشنطن وبكين ستترك آثارًا كارثية في المنتجين الزراعيين الأميركيين، إذ يستعدون لخسائر محتملة بعشرات المليارات من الدولارات.
وأعلنت الصين عن خطط لزيادة الرسوم الجمركية على جميع السلع الأميركية إلى 84%، وذلك بعد أن رفع الرئيس دونالد ترمب الرسوم الجمركية على الواردات الصينية إلى 104%.
ورغم تراجع ترمب عن الرسوم الجمركية على معظم الدول، وتعليق العمل بها لمدة 3 أشهر، إلا أنه زادها إلى 125% على الصين، أمس الأربعاء 9 أبريل/نيسان 2025، ما يعني تصعيدًا للحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
وتُعدّ الصين ثالث أكبر مشترٍ للمنتجات الزراعية الأميركية، بعد المكسيك وكندا. والآن، وبعد أن ردّت بفرض رسوم جمركية على السلع الأميركية، يتوقع المزارعون أن يشعروا بالألم، وفقًا لتقرير اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“.
لذلك، صرحت وزيرة الزراعة، بروك رولينز، بأن الإدارة تدرس خططًا لتقديم المساعدة للمزارعين وسط مخاوف من أن يكون للحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تأثير كارثي في المنتجين الزراعيين الأميركيين.
الواردات الصينية
ستُلحق الضربة الصينية المضادة للرسوم العالمية التي أعلنتها إدارة ترمب هذا الأسبوع ضررًا بالغًا بالمزارعين الأميركيين.
وتستهلك الصين 14% من إجمالي الصادرات الزراعية الأميركية، وقد استوردت ما يزيد عن 27 مليار دولار من هذه المنتجات والمنتجات ذات الصلة العام الماضي، وفقًا لوزارة الزراعة الأميركية.
وخلال إدارة ترمب الأولى، أدت حرب تجارية استمرت عامين بين الولايات المتحدة والصين إلى انخفاض الصادرات الزراعية الأميركية إلى بكين بما يُقدر بنحو 25.7 مليار دولار. وخلال ولاية ترمب الثانية، قد يكون الوضع أسوأ.
وقال أستاذ اقتصاديات وسياسات الغذاء في جامعة ولاية ميشيغان، ديفيد أورتيغا: “إذا استمرت هذه الرسوم الجمركية لمدة طويلة، فمن المرجح أن نشهد اضطرابًا حادًا، وربما أسوأ من الحرب التجارية لعام 2018”.
وأضاف أن هذه الاضطرابات لا تقتصر على الخسائر المالية قصيرة الأجل. وقال: “لقد شهدنا انخفاضًا في المساحات المزروعة، وخسائر في حصص السوق، وتحولات هيكلية طويلة الأجل في تدفقات التجارة العالمية”.

وقبل الزيادة الأخيرة في رسوم ترمب الجمركية، أشارت جمعية فول الصويا الأميركية في بيان لها، إلى أن فول الصويا سيواجه رسومًا جمركية بنسبة 60% في الصين بدءًا من الأسبوع المقبل، أي ضعف ما فُرض خلال الحرب التجارية عام 2018.
وتقدر الجمعية أن مزارعي فول الصويا الأميركيين سيخسرون 5.9 مليار دولار سنويًا. وذكر البيان أن مزارعي فول الصويا البرازيليين، الذين حصلوا على وصول أكبر إلى الصين خلال الحرب التجارية عام 2018، سيكونون المستفيدين.
وقالت الجمعية: “تشجع الجمعية الإدارة بشدة على التفاوض بسرعة ومعالجة الحواجز الجمركية وغير الجمركية للصادرات الزراعية الأميركية”.
ووفقًا لوزارة الزراعة، استوردت الصين فول صويا بقيمة تقارب 13 مليار دولار العام الماضي، إلى جانب ما يزيد عن مليار دولار من القطن والذرة الرفيعة ولحم البقر ولحم الخنزير والمأكولات البحرية، وفقًا لصحيفة “نيويورك تايمز”.
حماية المنتجين الزراعيين الأميركيين
أعلنت وزيرة الزراعة بروك رولينز عن خطة لحماية المنتجين الزراعيين الأميركيين.
وقالت رولينز لوكالة بلومبرغ نيوز، يوم الأربعاء في البيت الأبيض: “ندرس هذا الأمر مجددًا. من الواضح أن كل شيء مطروح، لكننا نمر بوقت من عدم اليقين بشأن ما سيؤول إليه الوضع”.
وأضافت وزيرة الزراعة أنه لم يُتخذ أي قرار بعد بشأن تقديم المساعدة المالية للمزارعين.
وقالت رولينز: “الهدف هو ألا نضطر إلى القيام بذلك على الإطلاق، وأن تؤدي هذه التغييرات وإعادة تنظيم الاقتصاد إلى جو من الرخاء غير المسبوق لجميع الأميركيين، وخاصةً لمزارعينا ومربي الماشية”.
وتشير المناقشات حول خطة إنقاذ المزارعين إلى قلق إدارة ترمب بشأن التداعيات المحتملة للحرب التجارية على المزارعين، وهم شريحة سياسية رئيسة للرئيس وحزبه الجمهوري.

وتُمثل ردود الفعل المتبادلة من واشنطن وبكين تصعيدًا سريعًا أثار قلق الأسواق المالية العالمية وأثار مخاوف من تباطؤ اقتصادي.
وتؤثر الرسوم الجمركية الانتقامية سلبًا في المزارعين، حيث تُقيد سياسات الإدارة الأخرى قدرتهم على بيع منتجاتهم. وقد قامت إدارة ترمب بحل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي كانت برامجها تشتري السلع من المنتجين الأميركيين. كما هدد ترمب بتقليص برامج المساعدة الغذائية التي تشتري المنتجات الزراعية الأميركية.
ومنذ بداية العام وحتى الآن، أعلنت 88 مزرعة عائلية أو تجارية إفلاسها، بزيادة عن 50 مزرعة خلال المدة نفسها من عام 2024، وفقًا لمزود البيانات “إيبك بانكرابتي أنيليتكس”، ومن المتوقع أن يزداد هذا العدد في حال استمرار الرسوم الجمركية.
ويأتي خطر تصاعد الحرب التجارية في الوقت الذي يكافح فيه المزارعون الأميركيون لاستعادة مكانتهم كأكبر مُصدرين للسلع الأساسية من الذرة إلى القمح، بعد نجاح البرازيل في الاستحواذ على حصة سوقية.
ودفعت رسوم ترمب الجمركية الحكومات الأجنبية إلى التسابق لعقد صفقات مع الإدارة لتجنب الرسوم أو تخفيفها. وأعلنت رولينز الأسبوع الماضي أنها ستسافر إلى فيتنام، التي تسعى للتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة، وصرحت يوم الأربعاء أنها ستزور المملكة المتحدة واليابان “خلال الأسابيع الستة المقبلة”.
ويدرس البيت الأبيض أيضًا إمكانية إنشاء ائتمان ضريبي للمصدرين، الذين قد يتضررون بشدة من تحركات الدول الأخرى للرد على رسوم ترامب بحواجزها التجارية الخاصة.