غذاء ومناخ
أظهرت دراسة حديثة صادرة عن بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس بولاية تكساس بالولايات المتحدة، أن مبيعات النقانق الأميركية ارتفعت ووصلت إلى مستوى تاريخي، فما علاقة الأمن الغذائي العالمي بهذا المؤشر؟.
يقدم المحللون تفسيرًا بسيطًا، وهو أنه لا يستطيع الناس شراء اللحوم الأكثر تكلفة، فيقبلون على النقانق، التي كانت تقليديًا بديلاً أرخص، “وتُرى الآن كرمز لركود وشيك في الولايات المتحدة”، وفقًا لتقرير طالعته منصة “غذاء ومناخ“.
وتدهور الأمن الغذائي العالمي الناجم عن أزمة المناخ بين عامي 2019 و 2022 ويؤثر حتى على الولايات المتحدة.
وأدت أزمة المناخ والصراعات العسكرية المستمرة إلى زيادة انعدام الأمن الغذائي العالمي، لكن الطقس المتطرف وارتفاع أسعار المنتجات الزراعية تشكل -أيضًا- مشكلات إضافية.
ويقول خبراء الاقتصاد إن الارتفاع الهائل الأخير في مبيعات النقانق في الولايات المتحدة هو ضوء أحمر وامض لانعدام الأمن الغذائي.
ويظهر ذلك أحدث مؤشر للأمن الغذائي العالمي من وحدة الاستخبارات الاقتصادية، والذي يقيس القدرة على تحمل التكاليف والتوافر والجودة والسلامة، فضلاً عن استدامة الغذاء وتكيفه عبر 68 مؤشرًا في 113 دولة، وفقًا لتقارير “ستاتيستا”.
انعدام الأمن الغذائي ليس مجرد نقص المنتجات
لا ينجم انعدام الأمن الغذائي فقط عن نقص المنتجات، بل -أيضًا- عندما يرتفع سعر الأساسيات من السلع المختلفة فوق النقطة التي يستطيع الناس شراء الطعام عندها.
وفي إشارة إلى حدوث هذا الارتفاع إلى أعلى مستوى فوق قدرة الناس على الشراء، أصدر بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاسن دراسة تُظهر أن مبيعات النقانق في الولايات المتحدة ارتفعت بشكل كبير، وبلغت مستويات تاريخية.
وكانت كل من فنلندا وأيرلندا والنرويج من الدول المصنفة بأنها ذات أعلى مستويات الأمن الغذائي في عام 2022، بينما كانت اليمن وهايتي وسوريا هي الدول ذات أدنى مستويات الأمن الغذائي.
وتتزايد الفجوة بين أفضل وأسوأ أداء منذ عام 2019، مما يسلط الضوء على تفاقم حالة عدم المساواة في النظام الغذائي العالمي. وتأتي الولايات المتحدة في المرتبة 13 من أصل 113، بنتيجة 78.0.
وقد انخفض الأمن الغذائي بشكل حاد بين عامي 2022 و2012 في سوريا، حيث انخفض بإجمالي 10.5 نقطة. كما ساء الوضع في 9 دول أخرى في المدة نفسها، وكان أسوأها هايتي (-5.4)، وفنزويلا (-4.9)، وكولومبيا (-2.2) وزامبيا (-1.8)..
ووفقًا لوحدة الاستخبارات الاقتصادية، فإن ضعف النظام الغذائي يرجع إلى عدد من المخاطر المتداخلة، بما في ذلك التقلب في الإنتاج الزراعي، وندرة الموارد الطبيعية، وزيادة التفاوت الاقتصادي، وارتفاع عدد الصدمات الناجمة عن المناخ مثل الجفاف والفيضانات، فضلاً عن تقلب التجارة وسلسلة التوريد.
كما يرتبط الصراع المسلح ارتباطًا وثيقًا بانخفاض درجات الأمن الغذائي، مما يؤثر ليس فقط على البنية التحتية لسلسلة التوريد، بل يؤدي أيضًا إلى تلوث المياه أو التربة أو الأراضي.
أزمة المناخ والصراعات العسكرية
كما ذكرت “بي إنتيلي نيوز“، فإن دراسة أخرى أجراها برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) دقت ناقوس الخطر، حيث يعاني ما يصل إلى 4 مليارات شخص الآن من سوء التغذية في بعض أفقر بلدان العالم نتيجة التأثير على الزراعة بسبب أزمة المناخ والعديد من الصراعات العسكرية المستمرة.
ووفقًا لبرنامج الغذاء العالمي، فإن عدد الأشخاص المعرضين لخطر المجاعة أقل، ولكن حتى هذا العدد يرتفع بسرعة.
وتوقعت ورقة بحثية نُشرت في مجلة التقارير العلمية في يونيو/حزيران 2024، من قبل مركز التميز لتحليل مخاطر الأمن البيولوجي ومركز البحوث البيئية والاقتصادية بجامعة ملبورن، أن يواجه أكثر من مليار شخص المجاعة بحلول عام 2050 نتيجة لانهيار الزراعة، إذا استمرت درجات الحرارة في الارتفاع.
استعملت الدراسة 3 نماذج توصلت إلى تنبؤات مقلقة بانخفاضات كبيرة في الإنتاج الغذائي العالمي بنحو 6% و10% و14% بحلول عام 2050، وهو ما من شأنه أن يضع 556 مليونًا و935 مليونًا و1.36 مليار شخص إضافي في حالة انعدام الأمن الغذائي الشديد بحلول عام 2050، مقارنة بخط الأساس لنموذج عام 2020.
وقال العلماء: “إن تغير المناخ يشكل تهديدًا خطيرًا لأنظمة إنتاج الغذاء التي تعتمد بشكل كبير على موارد المياه والنظم الإيكولوجية، على مستويات متعددة. وتشمل المخاطر المستقبلية الحرجة الإجهاد الحراري والإجهاد المائي على الإنتاج الغذائي العالمي، وبالتالي الأمن الغذائي”.