تاريخ انتهاء صلاحية الطعام لا يعني أنه غير صالح للتناول
سوء فهم المستهلكين يجعل مكبات النفايات مصير الكثير من المنتجات الغذائية

غذاء ومناخ

لا يدل تاريخ انتهاء صلاحية الطعام غالبًا على أنه غير صالح للتناول، عكس الاعتقاد السائد، إذ أن تلك التواريخ لا تضع خطًا فاصلًا بين الصالح وغير الصالح للتناول.

ووفقًا لوزارة الزراعة الأميركية، فإنه باستثناء أطعمة الأطفال، فإن هذه التواريخ ليست مطلوبة بموجب القانون الفيدرالي، كما أنها لا تشير إلى سلامة المنتج، بل تعبر عن مستوى نضارته (أن يكون طازجًا) المفترضة من قبل الشركة المصنعة.

وبعد مرور تاريخ صلاحية الطعام، قد تتدهور جودة تلك المنتجات القابلة للتلف أو يتغير مذاقها، ومع ذلك، تظل آمنة للتناول، وفي هذه الحالة يُترك الأمر للمستهلكين لتحديد ما إذا كان المنتج يظهر علامات التلف، وفقًا لتقرير اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“.

وذكر أحد أولياء أمور الأطفال في أكاديمية كارلمونت في أميركا، وهو تاك فرازيتا، قائلًا: “ليس هناك تاريخ انتهاء صلاحية الطعام على الفاكهة والخضروات، لذلك أحكم من خلال النظر إليها، ولكن الطعام الذي يحتوي على تواريخ، أو يأتي في حاويات مُسمَّاة، مثل البرطمانات، أحدده بصريًا وعن طريق الرائحة.. إذا كان هناك شيء يبدو غير طبيعي، فأنا لا أتناوله، ولكن إذا كان يبدو جيدًا، فأنا أتناوله.”

تاريخ انتهاء صلاحية الطعام وسلوك المستهلكين

قالت مديرة أبحاث في منظمة “ريفيد” الأميركية غير الربحية، التي تعمل على الحد من فقد الطعام وهدره، سيلينا ماو، إنه على المستهلكين الاعتمادعلى حكمهم الخاص بدلاً من الالتزام الصارم بتاريخ انتهاء صلاحية الطعام.

وأضافت ماو: “من المهم أن نتذكر أن الطعام لا يأتي حقًا مع ساعة توقيت. في كثير من الأحيان، يكون أفضل مقياس لتقييم ما إذا كان الطعام جيدًا أم لا هو الثقة في حواسك. ثق في غرائزك – إذا كانت رائحته كريهة، وإذا كان يبدو سيئًا، وإذا كان يبدو غريبًا – وليس مجرد ختم على العبوة.”

وتقدر وزارة الزراعة الأمريكية أن 30% من إمدادات الغذاء، ما يساوي 80 مليون طن، تُفقد على مستوى المستهلك والتجزئة. وأحد مصادر الخسارة هو قيام العملاء بإلقاء الطعام الصحي بسبب المفاهيم الخاطئة حول تفاصيل تواريخ الملصق الخاصة بالصلاحية.

قالت ماو: “على أرفف متاجر البقالة اليوم، هناك أكثر من 50 ملصقًا مختلفًا للتاريخ على الأطعمة المعبأة، وتُستخدم بعض العبارات للتعريف بمستوى نضارة المنتج، أو عندما لم يعد المنتج آمنًا للأكل. ولكن التأثير اللاحق لذلك هو أنه يقود الكثير من المستهلكين إلى الاعتقاد بأن هذا المنتج لم يعد آمنًا للتناول”.

وتعمل التشريعات على تصحيح هذا، حيث وقع حاكم كاليفورنيا جافين نيوسوم على مشروع قانون “إيه بي” 660 العام الماضي، ويستهدف لغة تأريخ موحدة، بما في ذلك “يفضل استخدامه بحلول” لبيان الجودة مقارنة بـ “الاستخدام بحلول” كمؤشر على سلامة الغذاء الفعلية. وسيدخل حيز التنفيذ في الأول من يوليو/تموز 2026.

وتابعت ماو: “نأمل أن يوفر مشروع قانون الجمعية التشريعية 660 المخطط التفصيلي لمزيد من العمل على المستوى الفيدرالي. إنه أمر رائع حقًا: توقيع نيوسوم على مشروع قانون هو الأول من نوعه في البلاد والذي نعتقد أنه سيبدأ في إنهاء ارتباك المستهلك بشأن تاريخ انتهاء صلاحية الطعام التي عانى منها الكثير منا”.

وانضمت دول أخرى، مثل فرنسا، إلى هذا الجهد. وكانت أول دولة تفّعل ذلك، حيث يحظر قانونها لعام 2016 على محلات البقالة التخلص من الطعام الزائد الذي تقترب تواريخ صلاحيته من الانتهاء، ما دفعها إلى التبرع لبنوك الطعام والجمعيات الخيرية.

نفايات الطعام الأكثر شيوعًا

تشير وكالة حماية البيئة الأميركية إلى أن نفايات الطعام هي العنصر الأكثر شيوعًا في مكبات النفايات أو المحروقة في البلاد.

ووفقًا للأمم المتحدة، فإنها تشكل ما بين 8% و10% من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمية سنويًا، أي ما يقارب من خمسة أضعاف تلك الناتجة عن الطيران.

وقالت ماو: “عندما يُلقى الطعام في مكبات النفايات، فإنه لا يظل هناك فحسب؛ بل يتحلل وينبعث منه غاز الميثان. ويعد الميثان أحد أقوى الغازات المسببة للاحتباس الحراري. فهو أقوى بـ 86 مرة في الاحترار من ثاني أكسيد الكربون على مدى 20 عامًا، ويمكن أن يظل في الغلاف الجوي لمدة 12 عامًا، ما يزيد بشكل كبير من شدة ومعدل أزمة المناخ.

وليس هذا فحسب، بل إن الطعام المهدر يعني إهدار العمل والجهد المبذول في إنتاجه، ما يعني إجمالي خسائر تبلغ تريليون دولار للاقتصاد العالمي سنويًا، وفقًا للأمم المتحدة.

وقالت ماو: “إن هدر الطعام يعني خسارة جميع الموارد ــ المياه، والطاقة، والعمالة ــ التي دخلت في إنتاجه. وعلى نطاق اقتصادي، نخسر نحن كمستهلكين مليارات الدولارات سنويًا من خلال إحضار الطعام قبل الأوان.. إن ما نتخلص منه بمفردنا، بسبب عدم قدرتنا على إدراك معنى ملصقات تاريخ الصلاحية بشكل كاف، يؤدي إلى التخلص من ما قيمته 30.5 مليار دولار تقريباً من الطعام الجيد تماماً سنويًا”.

ومع ذلك، لا تزال ماو تجد الأمل في مستقبل أكثر استدامة في الوعي المتزايد والتغيير في سلوك المستهلك، وفق موقع “سكوت سكوب” وهو الموقع الإلكتروني لأخبار مدرسة كارلمونت العليا.