غذاء ومناخ
أسعار الغذاء ترتفع في كل مكان في العالم؛ من أميركا حتى بلغاريا والمملكة المتحدة، لا ينجو أحد من ارتفاع تكلفة السع الغذائية الأساسية والهامشية على حد سواء، ما آثار مشكلات واحتجاجات من قبل المستهلكين في بلدان عديدة.
ففي الولايات المتحدة، أصبح تناول الطعام مكلفًا للغاية، ولم تواكب الأجور التضخم المنتظم، وفقًا لتقرير اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“.
وعلى سبيل المثال، ترك النقص الكبير في العرض من البيض في أميركا أصحاب المطاعم الكلاسيكية يتساءلون حاليًا عما إذا كان الإفطار على مدار 24 ساعة يمكن أن يستمر في كونه شيئًا واقعيًا يقدمونه.
ويردد الآباء أنهم يطعمون أطفالهم قطعًا أقل من الفاكهة الطازجة لأن الأسعار مرتفعة للغاية. ويعيد أفراد الطبقة المتوسطة التفكير في عاداتهم الغذائية، فلا مزيد من تناول الطعام بالخارج، والاعتماد أكثر على المواد الغذائية الأساسية الأرخص، وغيرالعضوية.
وتكافح محلات السوبر ماركت في كل مكان للحفاظ على الأسعار الحالية.
وجدد البلغاريون مقاطعة وطنية لسلاسل الأغذية الكبرى ومحلات السوبر ماركت أمس الخميس، مع استمرار السخط على أسعار البقالة في جنوب شرق أوروبا.
وتأتي هذه المبادرة، التي تدعمها العديد من المنظمات الشعبية، بعد أسبوع من المقاطعة الأخيرة، وهي منظمة لتتزامن مع إجراءات مماثلة في اليونان وكرواتيا هذا الأسبوع.
أسعار المنتجات الغذائية في منطقة البلقان
اندلعت احتجاجات المستهلكين، التي تجتاح مساحات شاسعة من منطقة البلقان بدرجات متفاوتة من النجاح، في شهر يناير/كانون الثاني في كرواتيا.
وأفادت وكالة الأنباء البلغارية “نوفينيت”، التي تتخذ من صوفيا مقرًا لها، أن مقاطعة الأسبوع الماضي في بلغاريا أدت إلى انخفاض بنحو 29% في مبيعات المتاجر الكبرى.
ويطالب منظمو الاحتجاجات المتاجر الكبرى بالحد من هوامش الربح على المنتجات الغذائية إلى أقل من 30%، ويريدون من المشرعين تمرير قانون لتنظيم الأسعار. ودعوا البلغاريين إلى التسوق في المتاجر الصغيرة وشراء المنتجات المحلية.
وقال رئيس اتحاد المستهلكين في بلغاريا، إميل جورجيف لوكالة الأنباء البلغارية، إن مبادرة الأسبوع الماضي كانت ناجحة لأنها “أججت نيران استياء المستهلكين”.
وقد أثارت المقاطعة استجابة من السلطات الوطنية، بدأت العديد من وكالات الدولة عمليات تفتيش للشركات المشاركة في سلسلة توريد الأغذية اعتبارًا من يوم الخميس.
ومن المتوقع أن يبحث التحقيق، الذي تشرف عليه وزارة الزراعة البلغارية، في كل مرحلة من مراحل صناعة الأغذية، من المنتجين إلى المعالجات وتجار الجملة وتجار التجزئة.
وذكرت وكالة أنباء بلغاريا أن المعلومات حول الممارسات غير العادلة ستدخل في التشريعات التي تقودها الحكومة بشأن تنظيم عقود سلسلة توريد الأغذية الزراعية.
وذكرت وكالة الأنباء أن مقاطعة وطنية جرت في اليونان المجاورة يوم الأربعاء (19 فبراير/شباط 2025)، بينما دعا ناشطون في كرواتيا إلى اتخاذ إجراءات ضد البنوك وشركات الاتصالات يوم الخميس. وأُعلنت مبادرات مماثلة في البوسنة والجبل الأسود ودول أخرى في المنطقة، وفقًا لـ “تي في بي وورلد”.
بينما قال أحد الخبراء لصحيفة “ذا لوودستار”، إن مستوردي الأغذية في المملكة المتحدة يتصادمون مع الحكومة بشأن التهديد بزيادات تضخمية في تكاليف الاستيراد التي لا يستطيع المتسوقون تحملها.
وحذر رئيس اتحاد المنتجات الطازجة، نايجل جيني، من أنه سيكون “من المستحيل” على سلسلة التوريد استيعاب الزيادة المتوقعة بنسبة 27% في رسوم الاستيراد المقرر تطبيقها تدريجيًا اعتبارًا من أغسطس/آب المقبل.
الأسباب الرئيسة
تستمر أحداث الطقس المتطرفة في ضرب محاصيل السلع الأساسية الرئيسة مثل البن والكاكاو، ما يتسبب في ارتفاعات مفاجئة في الأسعار، وفقًا لخبراء سلسلة التوريد.
ووفق بيان صادر عن شركة “إنفيرتو” التابعة لإدارة المشتريات وسلسلة التوريد لمجموعة بوسطن الاستشارية: “من المتوقع أن تظل أسعار الغذاء متقلبة خلال العام المقبل. وإضافة إلى المخاطر المناخية، من المرجح أيضًا أن تتسبب الأجور المرتفعة للعمال وزيادة تكاليف الطاقة في صعود تكاليف الشركات في صناعة الأغذية”.
وكان محافظو البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم يفحصون تأثير تغير المناخ على الأسعار، وخاصة فيما يتعلق بسياسة استهداف التضخم. وتشير بعض التوقعات إلى أن الاحتباس الحراري العالمي قد يضيف ما يصل إلى 3 نقاط مئوية إلى التضخم السنوي للغذاء وما يصل إلى 1.2 نقطة إلى التضخم الرئيس على مستوى العالم بحلول عام 2035.
وأشار التقرير إلى أن هطول الأمطار الغزيرة وارتفاع درجات الحرارة أديا إلى زيادة أسعار البن بنسبة 103%، والكاكاو بنسبة 163% في الأشهر الـ 12 الماضية. وفي الوقت نفسه، ارتفعت أسعار زيت عباد الشمس بنسبة 56% بسبب الجفاف في بلغاريا وأوكرانيا والحرب المستمرة.
وقال خبير الشوكولاتة من كوكوراونرز، إن ارتفاع أسعار الكاكاو يرجع أيضًا إلى نقص الاستثمار المزمن في مزارع الكاكاو ومضاربة المستثمرين.
وزعم نائب المدير العام السابق لبنك التسويات الدولية، لويز أوازو بيريرا دا سيلفا، أن البنوك المركزية يجب أن تفكر في التحول إلى أهداف تضخم أكثر مرونة للاستجابة لصدمات العرض التي سيجعلها تغير المناخ أكثر احتمالية.
وقال تقرير إنفيرتو إن الشركات يجب أن تخطط للتقلبات المستمرة من خلال تكييف استراتيجية المشتريات الخاصة بها، وفق “غرين سنترال بانكينغ“.