محتكرو السلع الغذائية يرفعون الأسعار في كل مكانغراف يظهر ارتفاع أسعار السلع الغذائية المتواصل من فوكس

غذاء ومناخ

تعاني دول العالم من ارتفاع أسعار السلع، خاصة الغذائية، منذ سنوات؛ لأسباب عديدة متعلقة بحرب روسيا وأوكرانيا، وتغير المناخ ووباء كورونا، لكن ما لايدركه كثير من المستهلكين الدور الذي يؤديه محتكرو السلع الغذائية في كل مكان في هذا الصعود الجنوني للأسعار.

في مصر، أعلن جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، اليوم السبت 22 فبراير/شباط 2025، تحريك دعوى جنائية ضد 162 شركة منتجة لكتاكيت التسمين، ومعهم “اتحاد منتجي الدواجن”، بسبب ثبوت الاتفاق بينهم على تحديد أسعار بيع كتاكيت التسمين بشكل يومي، ما أثر في أسعار الكتاكيت والدواجن في مصر، ووصولها للمستهلك بأسعار مبالغ فيها.

وقال الجهاز في بيان، حصلت عليه منصة “غذاء ومناخ“: “ثبت للجهاز من خلال عمليات الفحص؛ قيام المخالفين بالاتفاق بشكل يومي على تحديد أسعار بيع كتاكيت التسمين لمربي الدواجن، وتبادل المعلومات التجارية السرية، مثل: كميات الكتاكيت المتوفرة في السوق، وأسعار التنفيذ والخامات، والأعلاف، والطلب وغيرها من البيانات الأساسية، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار الكتاكيت بأرقام لا تُعبِّر عن ثمنها الحقيقي، وبشكلٍ مبالغ فيه المدة الماضية، وحقق المخالفون هوامش أرباح احتكارية على حساب المواطن المصري الذي زادت الأعباء المالية عليه”.

وتمكن الجهاز من التوصل إلى أدلة تؤكد قيام المخالفين بوضع حد أدنى لسعر البيع بما يضمن الحد من المنافسة، ويؤدي إلى تقليل الخيارات أمام المربين في إمكانية الحصول على أسعار وعروض أفضل، وهو الأمر الذي يضر بحرية المنافسة في السوق المصرية.

كما أثبت الجهاز اشتراك الاتحاد العام لمنتجي الدواجن في الاتفاقات المؤثمة على تحديد أسعار بيع كتاكيت التسمين بالاتفاق والمساعدة والتحريض على إتمامها من خلال الالتزام بما جرى الاتفاق عليه بين المخالفين في تحديد متوسط الأسعار الخاصة بهم، ما أسهم في إعطاء مصداقية لهذه الاتفاقات المحظورة، واستمرارها لمدد زمنية طويلة، أدت إلى ارتفاع الأسعار على مربي الدواجن وبالتالي انعكست على ارتفاع أسعار الدواجن بشكل مبالغ فيه على المستهلك النهائي.

وبسببب ارتفاع أسعار كتاكيت التسمين والدواجن والبيض في مصر الأشهر الأخيرة، قررت الحكومة فتح باب الاستيراد نهاية شهر يناير/كانون الثاني الماضي.

كتاكيت تسمين في مزرعة دواجن مصرية – الصورة من فوود بزنس أفريكا

محتكرو السلع الغذائية في الصين وأميركا

في حين مددت الجهات التنظيمية “مدة التصحيح” لمكافحة الاحتكار لشركة “ميتوان” الصينية العملاقة لتوصيل الأغذية، دون إعطاء إطار زمني واضح لانتهاء مدة التدقيق التنظيمي، أفادت “نيكي آسيا” نقلاً عن مصادر لم تسمها قبل 3 أيام، محتكرو السلع الغذائية السبب الرئيس لانتقادات الخبراء للسلطات الأميركية، وخاصة في أسواق اللحوم.

ونقلت صحيفة نيكي عن مصدر قوله إن فترة تصحيح شركة ميتوان، التي كان من المفترض أن تنتهي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تم تمديدها مع استمرار الشركة في سعيها لمنع المطاعم من الانضمام إلى منصات توصيل أخرى.

وأصبحت الولايات المتحدة مؤخرًا مستوردًا صافيًا للسلع الزراعية. وبشكل متزايد، بالنسبة للمزارعين الأكبر سنًا، لا يبدو الأمر يستحق إنتاج الغذاء بعد الآن. ووصل قطيع الماشية في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوياته منذ عام 1951. ولا تتجه أميركا إلى القضاء على التصنيع فقط، بل أصبحت دولة تستورد طعامها بشكل متزايد أيضًا.

وأحد الأسباب الرئيسة “بالطبع” هو الاحتكار، إذ يأخذ الوسيط القيمة، لذلك يرى المنتجون المحليون بشكل متزايد أسبابًا أقل وأقل للإنتاج، وفقًا لمات ستولر، مدير الأبحاث في مشروع الحريات الاقتصادية الأميركية.

وعلى سبيل المثال، تسيطر اليوم شركات جيه بي إس، وناشيونال بيف، وتايسون، وكارغيل على 80-85% لإنتاج الماشية، مع توزيع الباقي بين مجموعة أصغر من الشركات. لكن هذه النسبة تقلل من الطبيعة المركزة للصناعة، لأن الماشية هي عمل إقليمي، “إذ لا يمكنك شحن ماشيتك عبر البلاد، بل ترسلها إلى مصنع المعالجة المحلي، وعادة ما يكون لديك خيار واحد، أو ربما خياران”، وفقًا لـ “ذا بيغ نيوز ليتر”.

كما أن لحم الخنزير المقدد في شطيرة لحم الخنزير المقدد والطماطم والخس أصبح يكلف الآن ضعف ما كان عليه قبل 15 عامًا، لكن التضخم ليس سوى جزء من السبب. وبصورة عامة، ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات بنحو 50% فقط خلال تلك المدة.

وقد يكون السبب شركة “أغري ستاتس”، وهي شركة بيانات صغيرة مقرها في ولاية إنديانا. ففي عام 2023، رفعت وزارة العدل، بدعم من تحالف من المدعين العامين في الولاية، دعوى قضائية ضد الشركة، متهمة إياها بانتهاك قانون شيرمان لمكافحة الاحتكار من خلال تمكين تبادل المعلومات المناهضة للمنافسة، مما أدى إلى ارتفاع أسعار اللحوم بشكل مصطنع، وفقا لمجلة “ماذر جونز”.

شعار شركة ميتوان الصينية من ريتيل إنسايت

الأسعار لا تنخفض

في أكتوبر/تشرين الأول  الماضي، قالت وكالة مكافحة الاحتكار الوطنية في جنوب أفريقيا، إن منتجي وتجار الأغذية كانوا بطيئين في نقل تأثيرات انخفاض ضغوط التكلفة إلى المستهلكين الذين يعانون من ضغوط مالية، وهي قضية قد تستحق المزيد من التحقيق.

وأفادت لجنة المنافسة في تقرير نُشر في 4 أكتوبر/تشرين الأول، أن ضغوط التكلفة بدأت تخف بسبب انتهاء انقطاع التيار الكهربائي المتكرر، وقوة الراند (العملة المحلية) مقابل الدولار وانخفاض تكاليف الوقود. ومع ذلك، تظل أسعار المواد الغذائية الأساسية “مرتفعة وتتزايد بمعدل لا يمكن تحمله بالنسبة للأسر ذات الدخل المنخفض”، وفق موقع “إنجينيرنغ نيوز“.