غذاء ومناخ
وجد تقرير حديث أن استمرار نمو استهلاك اللحوم والاعتماد على أساليب إنتاج الثروة الحيوانية الحالية، يهدد بحرمان ثلثي سكان العالم من الغذاء في عام 2050.
وقال التقرير الصادر عن مؤسسة “تيلت كوليكتيف”: “إذا استمر استهلاك اللحوم في النمو وظلت أساليب إنتاج الثروة الحيوانية الحالية دون تغيير، فلن نتمكن إلا من إطعام 3.4 مليار شخص على الكرة الأرضية، أي أقل من نصف الثمانية مليارات شخص الذين يعيشون عبر الكوكب اليوم، وثلث السكان المتوقع أن يبلغ عددهم 10 مليارات بحلول عام 2050″، وفقًا للتقرير الذي اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“.
وتعمل “تيلت كوليكتيف” على تمكين حركة المجتمع المدني، والعمل الخيري، والقطاعين العام والخاص من زيادة الزخم والقدرة على التحول العالمي نحو نظام غذائي غني بالنباتات، وفقًا لموقعها الإلكتروني.
التكاليف الخفية
يرى التقرير الحديث الصادر عن “تيلت كوليكتيف” أن الطرق الحالية لإنتاج الغذاء غير فعالة للغاية، حيث تستهلك ما يصل إلى 65% من المياه العذبة في العالم، وتسهم في إزالة الغابات بنسبة 90% تقريبًا.
ويرجع هذا إلى حد كبير إلى تربية الماشية بغرض استهلاك اللحوم، التي تمثل وحدها 57% من انبعاثات نظام الغذاء، وهو رقم أعلى من ضعفي الرقم الخاص بالأغذية النباتية.
وتشغل الزراعة الحيوانية (تربية الماشية) حاليًا 80% من أراضي العالم، لكنها لا توفر سوى 18% من السعرات الحرارية و38% من إمدادات البروتين.

كما أنها تؤدي إلى ارتفاع الأمراض غير المعدية، ومقاومة مضادات الميكروبات المرتفعة، ومخاطر الأوبئة، ما يسهم في 9.3 تريليون دولار من التكاليف الخفية الناجمة عن “أنماط غذائية غير صحية”، وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو).
ويبحث العديد من منتجي اللحوم والألبان عن طرق لخفض تأثير غاز الميثان، وبالتالي بصمتهم المناخية. وقد ضُخت الكثير من الأموال في هذه الاستراتيجية، ولها بعض المزايا، ولكن ليس بقدر العائدات التي تحصل عليها عندما تستثمر في التحول إلى نظام غذائي قائم على النباتات، وفق التقرير.
ويشير التقرير إلى أن هذا التحول نحو نظام غذائي قائم على النباتات؛ يوفر تخفيضات في الانبعاثات تزيد بمقدار 2.5 مرة عن تحسين أنظمة إنتاج الماشية والمحاصيل في المزارع – وهذا الأخير من شأنه أن يخفض الانبعاثات بمقدار 11 مليون طن لكل مليار دولار يجري استثماره.
النفايات الغذائية
ووجد التقرير أن العائد على الاستثمار لتحسين ممارسات الإنتاج أقل في معالجة النفايات الغذائية -أيضًا- والتي تمثل في حد ذاتها خمسة أضعاف الانبعاثات من قطاع الطيران بأكمله.
ويظهر هذا التقرير (الذي يركز على هدف 1.5 درجة مئوية) أن هذا يمكن أن يقضي على 23 مليون طن من الانبعاثات لكل مليار دولار.
ومن المتوقع أن يستعمل نظام الغذاء 4.1 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2050، إذا ظلت الأمور كما هي، ولكن التحول عن استهلاك اللحوم إلى نظام غذائي صحي للكوكب من شأنه أن يوفر ما يقارب من 1.6 مليار هكتار من تلك الأراضي.
وقال التقرير: “إن هذا من شأنه أن يبطئ خسارة التنوع البيولوجي بنسبة 40%، ويطلق العنان لإمكانية حجز ما بين 2 إلى 4 غيغا طن من الكربون بحلول عام 2050”.
كما يمكن أن يعمل على توفير 1100 كيلومتر مكعب من المياه بحلول عام 2050، وهو ما يعادل استهلاك المياه العذبة الحالية في الولايات المتحدة والصين. ومن الناحية الأساسية، يمكن خفض استعمال المياه بمقدار الثلث، ويمكن خفض المدخرات السنوية من فواتير المياه بين 140 إلى 240 مليار دولار للمزارعين، وخفض تلوث المياه الناجم عن جريان المغذيات بنسبة 40%. وعلى نحو مماثل، سينخفض استعمال الأسمدة بنسبة 40%، ما سيحقق وفورات تعادل الإنتاج السنوي للسماد لـ 350 بقرة.
الانتقال من استهلاك اللحوم
الانتقال من استهلاك اللحوم إلى العادات الغذائية القائمة على النباتات من شأنه أن يجلب مجموعة من الفوائد الصحية، وفق التقرير الحديث، إذ أنه يزيد من عمر الإنسان الصحي بمقدار 150 مليون سنة، ويوفر 3.4 تريليون دولار من الإنتاجية الاقتصادية سنويًا بحلول عام 2050 من هذه المكاسب، حيث ستنخفض أمراض سوء التغذية والسمنة ومقاومة مضادات الميكروبات ومخاطر الأوبئة.
غير أن المشكلة هي أن التحول نحو نظام غذائي مستدام يعاني من نقص التمويل بشكل كبير. على سبيل المثال في المتوسط، تتلقى البروتينات البديلة حاليًا 3.4 مليار دولار من استثمارات القطاعين العام والخاص سنويًا، مقابل 46 مليار دولار تُرسل لتحسين أنظمة الإنتاج و5 مليارات دولار لإدارة النفايات الغذائية.
ويظهر التقرير أن الاستثمار في نظام غذائي قائم على النباتات يوفر تخفيضات انبعاثات أكبر بكثير لكل دولار مقارنة بالطاقة المتجددة أو المركبات الكهربائية.

وقال: “إذا استثمرت الحكومات والشركات الخاصة المبلغ نفسه في الأغذية النباتية كما يفعلون في المركبات الكهربائية والطاقة الخضراء، فإن الأولى ستوفر أكبر عائد على الاستثمار من حيث الحد من الانبعاثات”.
وأوضح أن كل مليار دولار تضخه في الشركات والاستراتيجيات التي تركز على التحول إلى نظام غذائي قائم على النباتات؛ من شأنه أن يؤدي إلى إزالة 28 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وهو عائد أعلى بخمس أضعاف الطاقة المتجددة (5 ملايين طن) والمركبات الكهربائية (7 ملايين طن)، وفقًا لـ “غرين كوين“.