غذاء ومناخ
ارتفعت أسعار الملفوف الصيني والتفاح في كوريا الجنوبية بسبب الصيف الطويل، حيث تسبب تغير المناخ في زيادة شدة الأحداث مثل موجات الحر والجفاف والفيضانات، ما أدى إلى فشل المحاصيل المستمر وحد من كمية التربة الصالحة للزراعة في العديد من أجزاء العالم بما في ذلك الدولة الآسيوية.
وشهدت كوريا ارتفاعًا في متوسط درجات الحرارة بنحو 0.18 درجة مئوية (0.32 درجة فهرنهايت) كل عشر سنوات على مدى القرن الماضي، وهو ما يتجاوز بكثير المتوسط العالمي البالغ 0.08 درجة مئوية، وفقًا لوزارة البيئة.
وأصبحت كوريا الآن واحدة من أكثر المناطق تضررًا؛ حيث تحدث زيادة درجات الحرارة في الصيف، وشتاء معتدل، وهطول أمطار غزيرة بشكل متكرر، وفقًا لتقرير اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“.
أثر هذا -أيضًا- على واقع الحياة اليومية لعدد كبير من الناس. فالحقول التي كانت مزدهرة بالمحاصيل أصبحت الآن جافة وغير قابلة للاستخدام.
وبحسب منظمة كاربون بريف، وهي موقع إلكتروني متخصص في علوم المناخ، فإن تغير المناخ تسبب في زيادة شدة الأحداث مثل موجات الحر والجفاف والفيضانات.
وقال تشوي يونج تاي، أحد مسؤولي دائرة الغابات في كوريا، إن الخريف تأخر هذا العام بسبب موجات الحر المطولة الناجمة عن تغير المناخ، والتي استمرت لمدة 28 يومًا أطول من العام الماضي. وفي حين قد يبدو هذا مجرد مصادفة، فقد أثر هذا بشكل كبير على نمو الزراعة في كوريا.
وقال بارك جونج هيون، المتحدث باسم وزارة الزراعة والأغذية والشؤون الريفية: “كان عدد الليالي الاستوائية وموجات الحر هو الأعلى على الإطلاق.. استمرت موجة الحر حتى في الخريف، موسم الحصاد، ما تسبب في مشكلات مثل انخفاض الغلة وتدهور جودة الأطعمة الموسمية”.
وتسبب هذا في نهاية المطاف في ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير وهو سبب انخفاض العرض حيث لم يتمكن المنتجون من تلبية الطلب. ويضطر الناس في كوريا الآن إلى دفع أسعار أعلى بشكل متزايد للحصول على المنتج نفسه.
ووفقًا لوزارة الاقتصاد والمالية، ارتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 1.3% عن العام الماضي.
وعلى الرغم من أن معدل الزيادة كان الأدنى في 3 سنوات و9 أشهر، إلا أن أسعار المستهلك لا تزال ترتفع، وفق “كوريا جونغ دايلي“.
أسعار الملفوف الصيني والتفاح تشهد زيادة حادة
ارتفع سعر الملفوف الصيني بشكل ملحوظ بسبب الاضطرابات الناجمة عن تغير المناخ في الزراعة.
وفقًا لشركة كوريا للزراعة ومصائد الأسماك وتجارة الأغذية، ارتفعت تكلفة 4 كيلوغرامات (8.8 رطل) من الملفوف الصيني في الأسواق المحلية بنسبة تزيد عن 300 %، حيث ارتفعت من 8923 وون (6.40 دولارًا) إلى 39016 وون خلال العام الماضي، إضافة إلى ذلك، يبلغ سعر الجملة لملفوف نابا حاليًا نحو 8900 وون، بزيادة 128 % على أساس سنوي.
ونتيجة لذلك، يستخدم العديد من الأشخاص في كوريا مكونات أرخص، مثل “ككاكدوغي” وهو نوع من الكيمتشي -أشهر الوجبات الكورية- المصنوع من الفجل، الآن في المدارس والمطاعم بدلاً من كيمتشي ملفوف نابا.
وأعرب الناس في “هانارو مارت” عن صدمتهم من الأسعار الباهظة لملفوف نابا، ونشروا آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي في 23 سبتمبر/أيلول الماضي.
كما انخفض إنتاج التفاح بنسبة 30% منذ العام الماضي، ويُقدر أنه بحلول عام 2033، ستنخفض أراضي مزارع التفاح بنسبة 8.6 %. ونظرًا لأن العرض من التفاح لا يمكن أن يصل إلى الطلب، فقد ارتفع سعر التفاح بنسبة 27.4 % مقارنة بالعام الماضي.
وتباع التفاحة الواحدة بـ 6000 وون، في حين تتوفر 3 تفاحات بـ 12000 وون في السوق.
المنتجات الزراعية هي الأكثر تضررًا
يتعرض محصول الخريف في كوريا لضربة شديدة بسبب أنماط الطقس غير المتوقعة، حيث تتسبب درجات الحرارة المتوسطة المتزايدة في ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية في الأسواق المحلية.
ويتزايد القلق بشأن الأمن الغذائي في البلاد مع ارتفاع التكاليف.
وقال جاريد وود، وهو مقيم أجنبي في كوريا: “تميل الفواكه في كوريا إلى التلف بشكل أسرع الآن، والأسعار باهظة الثمن أيضًا”.
والواقع المزعج هو أن تغير المناخ من المتوقع أن يدفع أسعار المواد الغذائية إلى الارتفاع بشكل أكبر في العقود المقبلة.
ويقدر البنك المركزي الأوروبي التضخم في أسعار المواد الغذائية العالمية بنسبة تتراوح بين 0.9 و3.2% سنويًا بحلول عام 2035، والسبب هو ارتفاع درجات الحرارة بشكل مطرد.
وبالتالي؛ فإن التضخم الإجمالي سيرتفع بين 0.3 و1.2%. وهذا مصدر قلق ملح بشكل خاص بالنسبة لكوريا – الأكثر عرضة لتغير المناخ مقارنة بالدول الأخرى – لأنها شهدت آثاره في ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
ويحذر البروفيسور كانج سونج جين من جامعة كوريا، قائلًا: “المنتجات الزراعية هي الأكثر تضررًا لأن البلدان النامية تعاني من تقلبات الطقس الشديدة.. ثم تصبح تقلبات الأسعار شديدة للغاية”.
ويقدم مثالاً محددًا بالقمح: “إذا انخفض إنتاج القمح أو ارتفعت الأسعار فجأة، فإن أسعار جميع المنتجات التي تستخدم القمح سترتفع. سيكون الأمر مشابهًا للوضع الحالي حيث لا يمكن استلام القمح بسبب الحرب بين أوكرانيا وروسيا.. العلامات واضحة: إذا استمر تغير المناخ في نموه السريع ولم نعثر على حل، فقد يكون الأمن الغذائي في كوريا معرضًا للخطر”.