غذاء ومناخ
بدون إدارة المياه في العراق بصورة مستدامة، تواجه الدولة الخليجية العربية خطر خسارة ما يصل إلى 50% من محصوليها القمح والشعير بحلول عام 2050، وفق منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو).
وترى المنظمة أن خسارة العراق لهذه الكمية من محاصيله الرئيسة، يزيد من اعتماده على الأسواق العالمية المتقلبة.
وأكد المدير العام للمنظمة، شو دونيو، اليوم السبت 24 مايو/أيار 2025، في مؤتمر بغداد الدولي الخامس للمياه، الذي يستمر 3 أيام، أن العالم بحاجة إلى التحرك بسرعة وفعالية وعزم لمواجهة التهديد المتزايد لندرة المياه والصدمات المناخية، وفق بيان حصلت عليه “غذاء ومناخ“.
ووُجهت دعوة إلى دونيو لإلقاء كلمة افتتاحية في المؤتمر الذي عُقد في العاصمة العراقية (بغداد)، واستضافته وزارة الموارد المائية. وأتاح للمنظمة فرصةً لجمع الخبراء وصانعي السياسات والشركاء لتبادل المعرفة وتعزيز التعاون لتنمية مستدامة للمياه والزراعة. وكان من بين الحضور رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني.
إدارة المياه في العراق بصورة مستدامة ضرورة

في جميع أنحاء العالم، تتعرض المياه لضغوط متزايدة بسبب تصاعد الطلب، وتفاقم الجفاف، وتضارب المصالح.
ويُهدد اختفاء موارد المياه بمحو تقاليد عريقة، وتهجير المجتمعات، وقطع الروابط مع المناظر الطبيعية التاريخية. وفي حالة العراق، فإن الحفاظ على تراثه المائي يعني الحفاظ على الإرث التاريخي والتماسك الاجتماعي.
وكانت بلاد ما بين النهرين – “أرض ما بين النهرين” – مهد الحضارات القديمة كالسومريين والبابليين. واليوم، تُعزز إدارة المياه في العراق، مثل قنواته المائية، هويته العراقية، التي يُحتفى بها في الفنون والأدب والنصوص الدينية.
ويعتمد قطاع الزراعة في البلاد – وأمنه الغذائي – بشكل كبير على المياه، حيث يُستخدم أكثر من 90% من هذا المورد الثمين للري، ما يدعم المحاصيل الأساسية كالقمح والشعير والأرز ونخيل التمر.
وبدون إدارة المياه في العراق بصورة مستدامة، تُخاطر الدولة بفقدان ما يصل إلى 50% من محصول القمح والشعير بحلول عام 2050، وفق بيان الفاو.
مواجهة التحديات
صرح شو دونيو قائلًا: “إن مواجهة التحديات التي تواجه المياه تتطلب العمل بسرعة”.
ووفقًا للمدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة، ينبغي إعطاء الأولوية لضمان أن تكون تقنيات المياه ميسورة التكلفة وسهلة المنال. كما ينبغي على صانعي السياسات تعزيز القدرات المحلية وتمكين المزارعين – وخاصة الشباب والنساء.
وأخيرًا، هناك حاجة إلى توسيع نطاق الحلول الناجحة، من الري الذكي إلى الطاقة المستدامة من خلال برامج المعرفة والتدريب.
وتُعدّ المياه جوهر أنظمة الأغذية الزراعية، فهي تُحافظ على المحاصيل، وتُغذي الماشية، وتدعم ملايين سبل العيش. ولهذا السبب، وضعت المنظمة المياه كأولوية استراتيجية.
وفي عام 2022، عقدت الفاو حوار روما بشأن المياه، وهو منصة تتبادل فيها الدول الحلول العملية والتجارب الناجحة. وفي عام 2023، أقرّ المؤتمر الوزاري لمنظمة الأغذية والزراعة موضوع المياه كموضوع للمؤتمر الذي يُعقد كل عامين للمنظمة للمدة 2024-2025 – وهو اعتراف من الأعضاء بأهمية دور المياه.
وفي العام الجاري، تحتفل المنظمة بالذكرى الثمانين لتأسيسها، وستُكرّم خلال الاحتفالية حلول المياه المبتكرة من جميع أنحاء العالم. في حوار روما المقبل حول المياه، المزمع عقده خلال نسخة هذا العام من منتدى الغذاء العالمي.

وتُنفّذ منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) سلسلة من المبادرات في العراق والشرق الأوسط من خلال برنامج (وا بور)، وهو بوابة إلكترونية مفتوحة المصدر تستخدم الاستشعار عن بُعد لمساعدة المزارعين على استخدام المياه بكفاءة أكبر.
على سبيل المثال، دعمت الفاو العراق في العام الماضي في تأمين مشروع بقيمة 39 مليون دولار، بتمويل مشترك من صندوق المناخ الأخضر، لتحديث الري، وتعزيز جمعيات مستخدمي المياه، وأيضًا الممارسات الزراعية المقاومة لتغير المناخ، وتطوير سياسات فعّالة من شأنها إدارة المياه في العراقن ومعها الطاقة بكفاءة.
ينشط برنامج (وا بور) أيضًا في تونس، حيث تُساعد أدوات الاستشعار عن بُعد المزارعين على جدولة الري بدقة أكبر؛ وفي مصر، حيث يُتيح الري بالطاقة الشمسية إمكانية الوصول إلى المياه بأسعار معقولة ومستدامة؛ وفي المغرب، حيث تُعزز أنظمة الريّ الصغيرة الجماعية كفاءة استخدام المياه وجودة المحاصيل.
وقال دونيو: “إنّ معالجة ندرة المياه والجفاف تتطلب مناهج علمية متكاملة.. إن التحديات التي تفرضها ندرة المياه لا تؤثر في العراق فحسب، بل تؤثر في معظم منطقة الشرق الأوسط والعديد من المناطق الأخرى حول العالم”.