سد النهضة الإثيوبيسد النهضة الإثيوبي - الصورة من وكالة بلومبرغ

غذاء ومناخ

بدأت حلقة جديدة في سلسلة الخلافات بين مصر وإثيوبيا بشأن سد النهضة، بعد توقيع القاهرة على اتفاق مع الصومال. وأثار ذلك غضب أديس أبابا، وهو ما انعكس في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

وفي 14 أغسطس/آب الجاري، وقعت مصر والصومال اتفاقية دفاعية، لتعزيز التعاون الأمني، بحسب وكالة الأناضول. وجرى ذلك بعد محادثات ثنائية بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الصومالي حسن شيخ محمود، الذي كان في زيارة للقاهرة.

وقالت الصومال إنها “اتفاقية دفاعية مهمة بين الصومال ومصر، تهدف إلى تعزيز التعاون الأمني ​​بين البلدين الشقيقين”.

وفي مؤتمر صحفي مع السيسي، قال محمود إن الاتفاقية “التاريخية” هي شهادة على مستقبل من الدفاع المشترك ضد الإرهاب الدولي الذي تحاربه الصومال في الداخل والخارج. ومن أهداف الاتفاقية إعادة تأهيل وتدريب القوات المسلحة الصومالية.

النيل ينبع دائمًا من إثيوبيا

رحبت وسائل الإعلام المصرية بشدة بالاتفاقية، بينما وصفتها نظيرتها الإثيوبية بأنها مثل من يشعل النار في نفسه، وفق ما رصدته منصة “غذاء ومناخ“.

على سبيل المثال، قال موقع “إثيوبيا نيوز – سد النهضة” على حسابه على منصة إكس: “مسار نحو التدمير الذاتي: استراتيجية مصر قد تأتي بنتائج كارثية. دعونا نكون واضحين: يمكن لمصر توقيع العديد من الاتفاقيات العسكرية، لكن هذا لن يغير حقيقة أن إثيوبيا هي مصدر النيل. من خلال الاستمرار في هذا المسار العدواني، تشارك مصر في لعبة خطيرة قد تكلفها غالياً، وخاصة المياه الحيوية التي تعتمد عليها. بدلاً من البحث عن حلفاء، تعزل مصر نفسها، وتدمر العلاقات بدلاً من تعزيزها”.

وأضاف: “هذا ليس مجرد خطأ؛ إنها كارثة وشيكة. إن جعل إثيوبيا عدوًا يشبه المقامرة بشريان حياة الأمة. في حين أن مصر قد تصمد في صراعات مع إسرائيل أو الولايات المتحدة، فإن استعداء إثيوبيا يعرض كل قطرة ماء تدعم حياة المصريين للخطر. سينبع النيل دائمًا من إثيوبيا، ومن خلال تحويل إثيوبيا إلى عدو، تعرض مصر أهم مواردها للخطر – ربما ليس اليوم، ولكن بالتأكيد غدًا وللأجيال القادمة”.

بينما قال أحد المتابعين: “لا أعتقد أنهم يستمعون إلى نصيحة أي شخص حتى تشتعل النار التي أشعلوها في مكان آخر على وجوههم وتبدأ في استهلاكهم”.

وعلقت “إثيوبيا نيوز – سد النهضة”: “بالضبط، من الغريب أنهم لا يستطيعون رؤية الخطر الذي يخلقونه. نأمل أن يدركوا قبل فوات الأوان وتلقي العواقب”.

في يناير/كانون الثاني الماضي، تصاعدت التوترات بين الصومال وإثيوبيا بسبب صفقة مثيرة للجدل تؤجر بموجبها أرض الصومال جزءًا من ساحلها لإثيوبيا لإنشاء قاعدة بحرية، في مقابل اعتراف محتمل من إثيوبيا باستقلال أرض الصومال.

وأعلنت إثيوبيا أن الصفقة تتضمن تأجير ميناء بربرة، الواقع على بعد خطوات قليلة من البحر الأحمر، لمدة خمسين عامًا، ما يسمح لإديس أبابا، الدولة غير الساحلية التي لا تطل على البحار أو المحيطات، بالوصول إلى البحر الأحمر وتهديد المصالح المصرية.

وقد عارضت الصومال، التي تعتبر أرض الصومال جزءًا من أراضيها، الاتفاقية بشدة، بل إنها أعلنت أنها مستعدة لاتخاذ تدابير صارمة للدفاع عن مطالبها.

يُذكر أن أرض الصومال، أو الدولة الانفصالية صوماليلاند، لم يعترف بها إلا دولة واحدة، وهي تايوان، التي تعدها الصين تابعة لها.

الملء الخامس

بدأت إثيوبيا عملية الملء الخامس لسد النهضة في  يوليو/تموز 2024، رغم تكرار تحذيرات مصر. ونشر الجيولوجي المصري عباس شراقي، حينها، صورة عبر الأقمار الصناعية للملء الخامس، على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.

وكتب شراقي، على حسابه، اليوم السبت 17 أغسطس/آب 2024: ” إن إثيوبيا خزنت 12 مليار متر مكعب فى سد النهضة خلال شهر، حيث بدأ الملء الخامس 17 يوليو/تموز 2024. وبلغ حجم تخزين العام الماضي 41 مليار متر مكعب، ما يعني أن إجمالي كمية المياه وصل إلى 53 مليار متر مكعب؛ عند منسوب 634 مترًا”.

وأضاف أنه من المتوقع أن يستمر الملء حتى بداية الأسبوع الثانى من سبتمبر/أيلول المقبل، ليصل إلى 64 مليار متر مكعب؛ عند منسوب 640 مترًا.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، أعلنت مصر انتهاء الاجتماع الرابع والأخير من مسار مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا، الذي عقد في أديس أبابا، “دون تحقيق أي نتائج”.

وقالت وزارة الري في بيان: “إن استمرار المواقف الإثيوبية الرافضة عبر السنوات الماضية للأخذ بأي من الحلول الفنية والقانونية الوسط التي من شأنها تأمين مصالح الدول الثلاث، سبب فشل المفاوضات”.

وأضافت أنه في  ضوء هذه المواقف الإثيوبية تكون المسارات التفاوضية قد انتهت، وأكدت أن مصر ستراقب عن كثب عملية ملء وتشغيل سد النهضة، وأن مصر تحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي”.

وأضافت الوزارة “بات واضحا عزم الجانب الإثيوبي على الاستمرار في استغلال الغطاء التفاوضي لتكريس الأمر الواقع على الأرض، والتفاوض بغرض استخلاص صك موافقة من دولتي المصب على التحكم الإثيوبي المطلق في النيل الأزرق بمعزل عن القانون الدولي”.