توفير الغذاء الكافي يواجه تحديات المناخزراعة الأرز في جنوب شرق آسيا - الصورة من ديالوغ إيرث

غذاء ومناخ

تتزايد المخاوف بشأن تصاعد تأثير تغير المناخ  على توفير الغذاء الكافي في دول جنوب شرق آسيا، إذ توقع ما يقارب من 60% أن تتأثر حياتهم بقوة، خلال العقد المقبل، وفقًا لمسح توقعات المناخ في جنوب شرق آسيا لعام 2024.

وفي الوقت نفسه يتحالف ارتفاع أسعار المواد الغذائية مع تغير المناخ لدفع انعدام الأمن الغذائي إلى مستويات أعلى في جميع أنحاء دول جنوب شرق آسيا.

وتضم دول جنوب شرق آسيا 10 دول أعضاء، هي: بروناي ودار السلام وكمبوديا وإندونيسيا ولاوس وماليزيا وميانمار والفلبين وسنغافورة وتايلاند وفيتنام.

وبلغ إجمالي عدد سكان دول جنوب شرق آسيا نحو 661 مليون نسمة في عام 2020، ما يجعلها واحدة من أكثر المناطق اكتظاظًا بالسكان على مستوى العالم.

وأظهر مسح حديث يربط تغير المناخ بانعدام الأمن الغذائي، أن جنوب شرق آسيا يواجه أزمة غذائية متزايدة.

وربط المسح تغير المناخ بارتفاع انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء جنوب شرق آسيا، حيث أفاد 70% من المشاركين بوجود تحديات في تأمين الغذاء الكافي، وفقًا لتقرير اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“.

وتُعد نسبة الـ 70% من المشاركين في مسح المناخ لهذا العام، الذي أجراه معهد “إيسياس- يوسف إسحاق”، والتي أقرت بوجود تحديات في تأمين الغذاء الكافي، زيادة كبيرة، إذ أنها كانت 60% في عام 2023.

توفير الغذاء الكافي

يعزو جزء كبير من المشاركين في مسح المناخ لدول جنوب شرق آسيا هذا العام (42.5%) الوضع المتدهور؛ إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، بينما يحدد 28.8% تغير المناخ كعامل رئيس يؤثر في توفير الغذاء الكافي.

ويسلط المسح الضوء على كيفية تفاقم تغير المناخ وتأثيره في انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء المنطقة، حيث أصبحت الأحداث الجوية المتطرفة مثل الجفاف والفيضانات والأعاصير وموجات الحر أكثر تواترًا وشدة.

ويؤكد التقرير أن تأثيرات تغير المناخ لم تعد تشكل مصدر قلق في المستقبل البعيد، بل إنها تؤثر حاليًا على حياة الناس، خاصة فيما يتعلق بتوفير الغذاء الكافي وقدرة الوصول إليه.

كما تتزايد مخاوف المشاركين بشأن التأثيرات الأوسع لتغير المناخ، حيث يتوقع ما يقارب من 60% منهم أن تتأثر حياتهم بشكل كبير خلال العقد المقبل.

ويعتقد أكثر من نصفهم أن التأثيرات الصحية لتغير المناخ ستكون شديدة، وفقًا لموقع “فاتيكان نيوز”.

ويعكس المسح، الذي جمع ردودًا من 2931 فردًا في جميع بلدان دول جنوب شرق آسيا العشر، استعدادًا متزايدًا بين سكان تلك الدول لدعم العمل المناخي.

وأعرب نحو 7 من كل 10 مشاركين عن دعمهم لتنفيذ ضرائب الكربون الوطنية، حيث أشار أكثر من 90% إلى أنهم على استعداد لتحمل التكاليف الشخصية التي قد تنشأ عن مثل هذه الضرائب.

وكانت تلك النسبة في فيتنام (75%) وإندونيسيا (73.5%)، وهي أعلى مستويات التأييد لضرائب الكربون.

وفي حين تنمو المخاوف بشأن انعدام الأمن الغذائي، فإن الزخم نحو إزالة الكربون يستمر في النمو، مدفوعًا بكل من العمل الحكومي والالتزام الفردي.

وأكد مدير معهد يوسف إسحاق والرئيس التنفيذي له، تشوي شينغ كوك،  أن النتائج “تتبع تصورات المناخ الإقليمية على مدى مدة زمنية مهمة تميزت بالتعافي بعد الوباء، وطموح المناخ المتسارع، وعدم اليقين الجيوسياسي المتزايد”.

النمو السكاني

من المتوقع أن يستمر عدد سكان منطقة جنوب شرق آسيا في النمو، ما يزيد من الضغوط على أنظمة الغذاء لضمان الغذاء الكافي والمغذي للجميع.

ومن المتوقع أن يصل العدد إلى 723 مليون شخص بحلول عام 2030، وفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي في 2020.

والنمو السكاني السريع، وزيادة الدخل المتاح، وزيادة المناطق الحضرية، وأنماط الأنظمة الغذائية المتغيرة، تعمل على تحويل مشهد استهلاك الغذاء في دول جنوب شرق آسيا.

ومن المعترف به على نطاق واسع أن “ارتفاع دخول جنوب شرق آسيا، ونمو السكان، وزيادة التحضر، أسهمت في نمو إنتاج الثروة الحيوانية واستهلاك اللحوم، وخاصة الدواجن ولحم الخنزير، وفق إدارة البحوث الاقتصادية التابعة لوزارة الزراعة الأمريكية في 2019. ويشكل هذا الاتجاه والنمو السكاني تحديات كبيرة للأمن الغذائي الكافي في المنطقة، وفقًا لـ “فرونتيرز“.

والزراعة من الأنشطة المحورية في اقتصادات دول جنوب شرق آسيا، حيث تسهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي ومعدلات التوظيف.

وفي عام 2020، شكلت الزراعة ما يقارب من 11% من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة. وتعتمد بعض البلدان، مثل كمبوديا وميانمار، بنسبة أكبر وقد تتجاوز 20% من ناتجها المحلي الإجمالي الوطني.

وتظل الزراعة مصدرًا رئيسًا للعمالة في دول مثل لاوس وميانمار وفيتنام، حيث شكلت أكثر من 35% من إجمالي العمالة في 2022.

وشهد القطاع، الذي كان يركز تقليديًا على إنتاج الأرز، تحولات في أنشطة الإنتاج، مع انخفاض حصة الأرز من قيمة الإنتاج الزراعي، واكتساب زيت النخيل مكانة بارزة، مدفوعًا بقيمته الأعلى والتحولات الغذائية.

كما واجهت المناظر الطبيعية الزراعية في جنوب شرق آسيا تحديات فرضها تغير المناخ، ما أدى إلى خسائر إنتاجية كبيرة بلغت حوالي 21 مليار دولار بسبب أحداث الطقس المتطرفة بين عامي 2008 و2018، وفقًا لبنك التنمية الآسيوي، عام 2021.

كما أدت جائحة كوفيد-19 إلى تباطؤ القطاع الزراعي بشكل أكبر، ما تسبب في انخفاض الإنتاج بنسبة 3.1%، وتراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.4% في عام 2020، وفق بيانات بنك التنمية الآسيوي.