الفراشات في اليونان مهددة بتغير المناخالفراشات في اليونان - الصورة من كني ديب تايمز

غذاء ومناخ

يتعرض نحو 237 نوعًا من الفراشات في اليونان للتهديد؛ بسبب موجات الحر والحرائق المميتة والفيضانات التي تؤثر على المحاصيل وغذائها. فلماذا يشكل هذا خطرًا على غذاء الإنسان؟

أدت درجات الحرارة المرتفعة – التي ظهرت خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي مع اقتراب الحرارة من 80 درجة فهرنهايت يوميًا – إلى جعل الشتاء دافئًا للغاية، ما أدى إلى تقصير مدة الإزهار.  ولاحظ الباحثون فراشات أصغر حجمًا، وفقًا لتقرير اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“.

وفي حين يعشق الكثيرون الفراشات لجمالها، إلا أن معظمهم لا يعرفون عن دورها في النظام البيئي، إذ أنها تلعب دورًا مهمًا إلى جانب النحل والطيور والحشرات المختلفة الأخرى، في مساندة النباتات المزهرة ومنحها القدرة على التكاثر.

وقالت عالمة النبات ميغان أوكونيل: “يحب البشر الزهور والفراشات لأنها جميلة. لكن النباتات والحشرات تؤدي وظيفة بالغة الأهمية”.

وأضافت أن الطيور والحشرات هي ملقحات مهمة؛ في الواقع، تُلقح أكثر من 80% من نباتات الأرض بواسطة حيوانات مثل الفراشات، إذ تلتصق حبوب اللقاح بأجسام الملقحات عندما تتغذى على الرحيق، وهو سائل سكري تنتجه النباتات المزهرة لجذب الملقحات. وتستفيد الزهور عندما يزورها العديد من الملقحات، لذلك طورت طرقًا لجذب الطيور والنحل. تعمل الألوان الزاهية والبتلات المزخرفة للزهور كإعلانات للملقحات تعد برحيق غني بداخلها.

ويقوم النحل بمعظم عمل التلقيح المتبادل، ولكن لا يمكن تجاهل إسهام الطيور والفراشات. وفوجئ العلماء مؤخرًا بحجم إسهام الفراشات في تلقيح حقول القطن في جنوب تكساس. ففي مقال نُشر في مجلة ساينس، قدر الباحثون أن الفراشات أسهمت بمبلغ 120 مليون دولار من التلقيح لمزارعي القطن، وفقًا لـ “إف دبليو بي جي.أورغ”.

الفراشات في اليونان

تجعل درجات الحرارة الأكثر دفئًا الحياة أكثر صعوبة على الفراشات في اليونان، موطن نحو 237 نوعًا. أصبح الطعام أكثر ندرة، ومدد الإزهار أقصر، ويشتبه الخبراء الآن في أن الفراشات قد تصبح أصغر حجمًا.

وقال الخبير الزراعي، كونستانتينوس أناجنوستيليس: “إن تغير المناخ يؤثر على الفراشات،  التي تعتمد على درجة الحرارة لأداء الأنشطة الأساسية مثل التزاوج والتكاثر والنمو والتغذية”.

وأناجنوستيليس هو جزء من فريق في مشروع بحثي يسمى (ميوسيس، وهي  الكلمة اليونانية التي تعني الانكماش، من قبل جامعة يوانينا اليونانية. ويتضمن قياس وزن الجسم لأكثر من 50 ألف عينة فراشة على مدى قرن من الزمان لنمذجة حجم أجسامها المتناقص استجابة لتغير المناخ.

الصورة من رويترز

وتجبر الحرارة الفراشات على الطيران إلى أماكن أكثر برودة حيث يتوفر طعام أقل. وقال أناجنوستيليس إن حرائق الغابات المتفاقمة في اليونان تقلل -أيضًا- من الوصول إلى الغذاء بسبب الخسارة في الأراضي العشبية.

وأضاف: “حرق هذه النباتات، يعني خطر الموت المباشر لليرقات، وقد لا يكون لدينا فراشات بالغة للتكاثر، ما يجبرها على الهجرة إلى مناطق أخرى”.

وأزمة الفراشات في اليونان متكررة في أنحاء العالم، فهي موجودة في دول مثل المكسيك وبريطانيا، حيث انخفضت أعداد بعض الأنواع بشكل حاد، وفقًا لـ”رويترز“.

كيف يمكننا حماية الفراشات؟

الفراشات هي واحدة من أكثر الحشرات المرئية شيوعًا وشعبية في حديقة تومي تومسون التابعة لهيئة الحفاظ على تورنتو والمنطقة(تركا) في كندا، وهي برية حضرية خلابة تمتد على مساحة تزيد عن 500 هكتار على طول شواطئ بحيرة أونتاريو.

وتُعد حديقة تومي تومسون واحدة من أكبر الموائل الطبيعية الموجودة على الواجهة البحرية في تورنتو، حيث تعمل كموقع مهم لتسكين الملقحات مع تسجيل أكثر من 55 نوعًا من الفراشات والعث حتى الآن.

وطرحت السلطات في تورنتو تساؤلًا عن كيفية الإسهام في الحفاظ صحة هذه المخلوقات الرقيقة، وأجابت بعدة خطوات تتمثل فيما يلي:

اختر أنواع النباتات المحلية التي تتكيف جيدًا مع المناخ المحلي وتوفر الرحيق وحبوب اللقاح ومصادر اللجوء للفراشات والملقحات الأخرى على مدار العام. وتبحث الفراشات عن نوعين مختلفين من النباتات: نباتات تنتج الرحيق لتتغذى عليها الفراشات البالغة، ونباتات طعام/مضيفة لليرقات لوضع بيضها عليها، وعرضت السلطات لأنواع النباتات المناسبة، على موقعها الإلكتروني.

ثانيًا، اختر النباتات ذات مواسم الإزهار المتنوعة على مدار العام لضمان مصدر غذاء مستمر للفراشات. ثم قم بإنشاء ميزات المياه الضحلة مثل حمامات الطيور أو البرك الصغيرة لتزويد الفراشات بمصادر المياه للشرب والبرك.

وقلل أو تخلص من استعمال المبيدات الحشرية، لأنها قد تكون ضارة بالفراشات والحشرات المفيدة الأخرى. وقم بدمج عناصر مثل الصخور والأخشاب المتساقطة والأعشاب الطويلة لتوفير أماكن للراحة ومناطق محمية للفراشات.

وقالت سلطة المنطقة الكندية: “من خلال زراعة حدائق صديقة للملقحات وتبني الممارسات التي تدعم هذه المخلوقات الحساسة، يمكننا جميعًا أن نلعب دورًا حيويًا في حماية مستقبلهم وضمان صحة وتوازن أنظمتنا البيئية”.

الصورة من سوالوتايل غاردن

بينما تركز خطة شركة “هول فوود ماركتس” الأميركية العالمية،  لحماية النحل والفراشات والملقحات الأصلية الأخرى من المبيدات الحشرية الضارة، وترى أنها ضرورية للحد من البصمة الكربونية لمحلات البقالة العضوية، وفقًا لرئيسة الاستدامة، كايتلين ليبرت.

وتتطلب السياسة، التي تدخل حيز التنفيذ في عام 2025 في أكثر من 530 متجرًا للشركة؛ من مزارعي الأزهار والمنتجات التخلص التدريجي من النيونيكوتينويد وتبني استراتيجيات “إدارة الآفات المتكاملة” مثل زراعة الزهور البرية جنبًا إلى جنب مع المحاصيل أو إدخال الحشرات المفيدة مثل الخنافس أو حشرات السرعوف إلى الحقول، وفق “ترليز”.